Site icon IMLebanon

أيّ ضرائب؟ أيّ سلسلة؟ ايّ إجراءات إدارية؟

يعقد مجلس النواب جلسة تشريعية عامة، قبل ظهر الأربعاء المقبل، لدرس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال، من ضمنها مشاريع سلسلة الرتب والرواتب والإجراءات الإدارية والضريبية. هذه المشاريع أنجزتها اللجان النيابية المشتركة على مدى ثلاث جلسات عقدتها هذا الأسبوع، وهي لا تلبي مطلب الهيئات النقابية، إذ يواصل أساتذة التعليم الثانوي والتعليم المهني والتقني الإضراب المفتوح، فيما تتريث رابطة أساتذة التعليم الأساسي بانتظار نتائج الجلسة التشريعية المقبلة. في هذا التقرير، ملخص عن أبرز ما أقرّته اللجان النيابية

أسفرت أعمال اللجان النيابية المشتركة، التي انعقدت هذا الأسبوع في 3 جلسات، عن إقرار الجداول الجديدة المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب، التي أعدّتها وزارة المال، وهي تعطي الموظفين الإداريين زيادة تراوح بين 100% و140% ودرجتين استثنائيتين، في حين لا تعطي سوى 20% لأساتذة التعليم الثانوي (مع 3 درجات) ولأساتذة التعليم الأساسي (مع 6 درجات).

في المقابل، أقرت اللجان توقيف التوظيف، ورُحّلت المادة المتعلقة بدوام موظفي الإدارة العامة إلى الجلسة التشريعية، ووافقت على رفع معدل الضريبة على القيمة المضافة إلى 11% والعديد من الرسوم، بالإضافة الى رفع معدّل ضريبة أرباح الشركات من 15% الى 17% ورفع الضريبة على الفوائد من 5% الى 7% وعدم حسمها من ضريبة الأرباح.

التزمت اللجان النيابية في الصيغة التي خرجت بها بسقف اعتمادات الـ 1200 مليار المرصودة في مشروع موازنة عام 2017 الذي يناقشه مجلس الوزراء. هذا الالتزام جرى التصويت عليه ليصبح الذريعة التي حكمت توزيع الزيادات بين الفئات المختلفة وحرمان بعضها من حقوقها ومطالبها. أمّا الالتزام الآخر الذي حكم الصيغة المقرة فهو عدم العودة إلى مناقشة المواد التي أقرت في الجلسة التشريعية في 14 أيار 2014، والتي جرى تعليقها منذ ذاك الحين، ولا سيما المواد المتعلقة بالإجراءات الضريبية، علماً بأن الضغوط الرامية الى التراجع عن هذه الإجراءات نجحت في إبعادها عن مشروع الموازنة، وليس مستبعداً أن تنجح في إبعادها في الجلسة التشريعية.

أقرت اللجان المشتركة الجداول الجديدة، التي أعدتها وزارة المال، بناءً على الاجتماعات التي أجرتها لجنة مصغرة تضم: وزير المال علي حسن خليل ووزير الاتصالات جمال الجراح، والنواب: ابراهيم كنعان وجورج عدوان وأكرم شهيب. وأبرز ما فيها:

– نال العسكريون الرتباء درجة استثنائية واحدة، إضافة إلى الزيادة التي شملت كل فئات السلك العسكري من ضباط وجنود.

– نال موظفو الإدارة العامة نسبة الزيادة الأعلى بين القطاعات والأسلاك، إذ بلغت 100% بالحد الأدنى وصولاً إلى 140%، وتفاوتت بحسب الفئات الوظيفية. وقد حظي الموظفون بدرجتين استثنائيتين، إضافة إلى نسبة تحويل الزيادة. وعزت مصادر نيابية ذلك إلى أن رواتب الإداريين كانت في السلاسل الماضية هزيلة جداً.

– نال كل من أساتذة التعليم الثانوي وأساتذة الفئة الثالثة في التعليم المهني الرسمي 3 درجات استثنائية، إضافة إلى الزيادة التي بلغت نحو 20% فقط.

– نال معلمو التعليم الأساسي والمهني الرسمي (الفئة الرابعة) 6 درجات استثنائية، إضافة إلى زيادة 20% فقط.

– نال مدرسو التعليم الأساسي (المعينون في عام 2010 عند الدرجة 15) 3 درجات استثنائية فقط.

– نال المتعاقدون بالساعة في التعليم الرسمي ما قبل الجامعي والتعليم المهني زيادة غلاء معيشة، على أن تحدد أجرة الساعة الجديدة بقرار مشترك يصدر عن وزير المال ووزير التربية.

تسري أحكام هذا القانون على المعلمين في المدارس الخاصة، على أن يستفيد المتعاقدون في هذا القطاع بنسبة مئوية محسوبة على أساس عدد حصص عملهم الأسبوعية من الزيادة التي لحقت الداخلين في الملاك. وقد جرى تعديل المادة المتعلقة بالمتقاعدين، إذ أقرت اللجان إعطاءهم الزيادة بحسب الشطور: 25% على الجزء الأول من الراتب حتى مبلغ 675 ألف ليرة، و10% على الجزء بين 676 ألف ليرة ومليون و350 ألف ليرة، و8% على الجزء بين مليون و351 ألف ليرة ومليونين و25 ألف ليرة، و6% على الجزء بين مليونين و26 ألف ليرة ومليونين و700 ألف ليرة، و4% على الجزء الذي يزيد على مليونين و701 ألف ليرة. وتدمج الزيادة في صلب معاشات التقاعد، وعند تحديد المعاش التقاعدي أو تحديد أقسامه يدوّر كسر الألف ليرة إلى ألف ليرة.

عندما سأل بعض النواب عن المفعول الرجعي، قيل لهم إن هناك اتفاقاً مبدئياً بين كل الكتل السياسية المكوّنة للحكومة بعدم إعطاء أي مفعول رجعي.

الإجراءات الإدارية

أبرز ما أقرته اللجان النيابية المشتركة على صعيد أنظمة العمل والتقاعد، هو:

– وقف التوظيف لمدة سنتين حتى إنجاز مسح شامل بين الوظائف الملحوظة في الملاكات والوظائف التي تحتاج إليها الإدارة العامة للقيام بالمهمات الموكلة إليها وتحديد أعداد الموظفين والمتعاقدين والعاملين بأي صفة كانت. وربطاً بذلك، تم التوافق على توقيف التوظيف والتعاقد في القطاع التعليمي (عام، مهني وتقني وزراعي) بمختلف مستوياته واختصاصاته لمدة سنة حتى إنجاز مسح شامل لمختلف المدارس والثانويات والمعاهد ولأعداد الأساتذة والمعلمين والمدرسين والمتعاقدين وبيان الحاجة الفعلية والفائض في كل اختصاص.

– تقليص العطلة القضائية التي تبدأ حالياً في بداية شهر آب وتنتهي في نهاية شهر أيلول (شهران) إلى شهر واحد، أي شهر آب فقط.

لم يتوافق النواب على زيادة دوام العمل الرسمي في الإدارات العامة، ورحّلوا هذه المادة إلى الجلسة التشريعية، فمشروع القانون يتضمن مادة ترفع ساعات العمل الأسبوعية من 32 ساعة حتى 35 ساعة، على أن يبدأ الدوام من الثامنة صباحاً حتى الواحدة ظهراً، ومن الثانية من بعد الظهر حتى الخامسة مساءً، على أن يكون السبت يوم عطلة. وأخذت هذه المادة حيزاً واسعاً من النقاش على خلفية أن الموظفين الذي يغادرون عند الساعة الواحدة لن يعودوا بعد الظهر، لذا اقترح البعض أن يكون الدوام من الثامنة صباحاً حتى الثالثة والنصف من بعد الظهر. أما الدوام النصفي للموظفة المتزوجة فلم يقر أيضاً لكونه مرتبطاً بالاتفاق على الدوام.

– حصر الساعات الإضافية بـ 35 ساعة شهرياً كحد أقصى.

– وافقت اللجان النيابية على أن يستفيد أفراد عائلة المتوفى من المعاش التقاعدي إذا كانت خدماته قد تجاوزت العشر سنوات، فيما لم يكن هؤلاء في السابق يستفيدون من هذا المعاش، إلا إذا أمضى الموظف المتوفى عشرين سنة في الخدمة. وأقرت قطع المعاش عن الأولاد الذكور الأعلاء المتأهلين إذا كان أبناؤهم الذكور قد أتموا الثامنة عشرة، أو الخامسة والعشرين إذا كانوا يتابعون الدراسة، وألغت المادة التي كانت واردة في مشروع القانون التي تنص: «في حال وفاة أحد أفراد العائلة ممن يتقاضون معاشاً تقاعدياً أو في حال قطع المعاش عن أحدهم لأي سبب كان، يقطع هذا المعاش لصالح الخزينة اللبنانية».

– كانت الجلسة التشريعية في 14 أيار 2014 قد أقرت إلغاء المادة 6 من القانون 223 وتعيين معلم التعليم الأساسي الرسمي الذي يحمل الإجازة التعليمية عند الدرجة 9 بدلاً من 15 وحامل الإجازة الجامعية عند الدرجة 7. ولم تتطرق اللجان النيابية إليها في جلساتها المنعقدة أخيراً. المادة أرفقت ببند ينص على: «لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تتدنى رواتب المعنيين بأحكام هذه المادة بنتيجة إعادة تكوين وضعهم المادي عن الرواتب التي كانوا يتقاضونها قبل صدور هذا القانون».

– أقر النواب أيضاً الإجازة للحكومة بوضع نظام موحد للتقديمات الاجتماعية (منحة زواج، منحة ولادة، منحة تعليم،) يشمل جميع العاملين في القطاع العام خلال مهلة سنة من تاريخ نفاذ القانون.

الإجراءات الضريبية

وافقت اللجان المشتركة على:

– زيادة معدل الضريبة على القيمة المضافة بحيث تصبح 11% بدلاً من 10%، على أن يطبق هذا المعدل اعتباراً من الفصل الذي يلي الفصل الذي ينشر فيه القانون.

– إلغاء البند المتعلق بزيادة الرسم الجمركي بنسبة 5% على بعض الأصناف مثل أغذية الكلاب والقطط والفراء التقليدية وقرميد السقوف وغيرها.

– رفع معدل رسم الطابع المالي النسبي من 3 بالألف إلى 4 بالألف. كذلك رفع رسم الطابع المالي على السجل العدلي من 2000 ليرة لبنانية إلى 4000 ليرة، ورسم الطابع المالي على الفواتير والإيصالات التجارية من 100 ليرة إلى 250 ليرة وعلى فواتير الهاتف بقيمة 1500 ليرة، وزيادة رسم الطابع المالي على رخص البناء 1.5%، وإضافة علاوة على نسبة الأتعاب التي يتقاضاها الكتاب العدل، ومضاعفة الرسوم التي يستوفيها الكتاب العدل لمصلحة الخزينة.

– رفع الرسوم على استهلاك المشروبات الروحية المستوردة، إذ تبنت اللجان اقتراح النائب سيمون أبي رميا لجهة أن لا تكون الزيادة مقطوعة كما هي واردة في القانون.

– ترحيل رفع الرسوم على استهلاك بعض أنواع التبغ والتنباك إلى الهيئة العامة للمجلس النيابي.

في ما يتعلق باستيفاء مبالغ على الإشغال غير القانوني للأملاك العمومية البحرية والنهرية والبرية، فقد توافقت اللجان على القانون الذي أقرته لجنة الإدارة والعدل ووافقت عليه الحكومة في مناقشات الموازنة، ولا يقوم على تحديد قيمة الغرامات على التعديات كما ورد في القانون الخاص بالسلسلة.

– أقرت اللجان تعديل المادة 32 من قانون ضريبة الدخل ورفع معدل الضريبة على شركات الأموال إلى 17%، تعديل المادة 45 من القانون نفسه وفرض ضريبة على أرباح البيوعات العقارية، وتعديل المادة 51 ورفع معدل الضريبة على أرباح المصارف من 5% إلى 7% وعدم حسم ضريبة المادة 51 من ضريبة الأرباح.

إخضاع المدير العام لأهواءالوزير كلياً

تضمّنت الصيغة التي أقرّتها اللجان النيابية المشتركة مادة خطيرة، تهدف الى إخضاع موظفي الفئة الأولى كلياً لسلطة الوزير وابتزازه، إذ جرى دس هذه المادة تحت عنوان “تقييم أداء موظفي الفئة الأولى”.

بحسب القوانين الحالية، يجري تقييم المديرين العامين (مثلاً) من قبل هيئة التفتيش المركزي، والغرض من ذلك توفير الحصانة للمدير العام من التعسف الذي يمكن أن يمارسه الوزير السياسي، وذلك ضماناً لحسن الإدارة وإبعادها عن التدخلات غير القانونية، إلا أن الصيغة المقترحة تقضي بأن يجري التقييم، في مرحلة أولى، من قبل هيئتي مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي مجتمعتين، على أن يرفع هذا التقييم إلى الوزير المختص الذي يقوم بدوره بتقييم الموظف، في مرحلة ثانية، وإحالة التقييمين إلى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب.

بمعنى ما، تم وضع موظفي الفئة الأولى تحت ابتزاز دائم، ولا يغيّر كثيراً أن تنص الصيغة المقترحة على حق المراجعة والتظلم بشأن تقارير تقييم الأداء السنوية لدى لجان التظلم المختصة التي تعتبر قراراتها ملزمة.

ومع أن ذلك يمكن أن يحد من دور المدير العام، رأى بعض النواب المدافعين عن هذا الطرح أن من شأن ذلك أن يخفف التناحر بين الوزير والمدير العام.