IMLebanon

أية حرب على الارهاب بلا حل سياسي ؟

حرب سوريا تبدو كأنها ثلاث حروب متجاورة بأكثر مما هي متشابكة. واحدة تشنها طائرات التحالف بقيادة أميركا على مواقع داعش. وثانية تشارك فيها طائرات النظام في المعارك بين النظام ومعارضيه المتعددين. وثالثة تدور بين داعش والنصرة حيناً ثم بين داعش والنصرة والمعارضين أحياناً. ومن الوهم في مثل هذا الوضع الحديث عن حل واحد يقود الى سلام واحد. لا بالغلبة عبر تصور كل طرف أنه قادر على تحقيق نصر عسكري كامل يقيم وضعاً سياسياً كاملاً. ولا بالحوار، سواء ضمن الطموح الى حل سياسي شامل فشلت الرهانات عليه، أو ضمن حلول موضعية يتصور دي ميستورا أنها الشيء الوحيد الممكن تحت عنوان تجميد العنف.

لكن من الصعب إقناع أي طرف بالتخلي عن التمسك بالحد الأقصى من رهانه، ولو جرى تدمير ما يراهن عليه. فلا نزوح نصف الشعب السوري دفع أي طرف الى تغيير حساباته في صدام المشاريع الاستراتيجية. ولا اعلان دولة الخلافة الداعشية فوق أجزاء من العراق وسوريا قاد الى أية مراجعة لدى الأطراف الاقليمية والدولية التي تدعم بالمال والسلاح هذا الفريق أو ذاك والتي تبعث بمتطوعين للقتال مع هذا الفريق أو ذاك.

وليس وزير الخارجية الأميركي جون كيري هو الوحيد الذي يتحدث عن تكافل بين النظام وداعش، إذ يقول ان داعش يقدم نفسه كبديل وحيد من النظام، والنظام يدعي انه خط الدفاع الأخير ضد داعش. وهذا يعزز الطرفين. فالصورة التي يراها كيري هي الصورة التي أريد رسمها منذ البدء ويراد لها ان تطغى على كل الصور: اختصار المشهد بلاعبين فقط هما النظام وداعش، والتصور الذي لعب دوراً مهماً في رعاية هذا المشهد هو ان الخيار سيصبح سهلاً، سواء بالنسبة الى الخائفين من الخلافة ولو كانوا معارضين للنظام، أو بالنسبة الى الذين يغريهم حلم استعادة الخلافة، ولو كانوا خائفين من قطع الرؤوس وفرض تفسير ضيّق للدين والحياة في الخلافة الداعشية.

وكيري أيضاً ليس الوحيد الذي يرفض ما يسميه الخيار بين الديكتاتورية والارهاب ويدعو الى خيار ثالث. لكن تحضير المناخ والأرض لمثل هذا الخيار بطيء. ولا شيء يضمن نجاحه بعد عامين أو ثلاثة، ولا أحد يعرف كيف يكون المشهد. واذا كانت هناك جدّية بالفعل في تسريع الخيار الثالث، فان المعادلة معروفة: الخروج من الخلاف على كون الأولوية للحل السياسي أو لمحاربة الارهاب الى التفاهم على التلازم بينهما. فلا مجال للنجاح في محاربة الارهاب إلاّ في اطار الحل السياسي. وكل تأخير للحل السياسي هو بوليصة ضمان للارهاب.