Site icon IMLebanon

عون أمام 4 خيارات ولا جلسة إلّا بالتوافق

يُنتظر أن تتصاعد وتيرة الاتصالات خلال الساعات والأيام المقبلة محلّياً وفي الرياض وعواصم إقليمية ودولية أخرى لبَتّ مصير الاستحقاق الرئاسي في ضوء التسوية التي طرحها الرئيس سعد الحريري مع رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في لقائهما الباريسي الأخير.

يأمل كثيرون في أن تكون جلسة الانتخابات الرئاسية المحددة في 16 من الشهر الجاري هي الجلسة النهائية في مسلسل الجلسات التي دعِي إليها حتى الآن وبَلغ عددها 32 جلسة ولم ينعقد إلّا أولاها التي نَقلت الانتخاب الرئاسي من دورته الأولى التي تفرض نيلَ المرشح أكثرية الثلثين للفوز، إلى الدورة الثانية التي يفوز فيها أيّ مرشح إذا نال أصوات الاكثرية المطلقة. أمّا بقية الجلسات فلم تنعقد لأنّ نصابها لم يكتمل لغياب الاتفاق على شخص الرئيس العتيد.

ويبدو من التحركات والتطورات الجارية أنّ مصير التسوية المطروحة ينتظر الآتي:

أوّلاً – ما سيكون عليه موقف رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون في ضوء اللقاء المنتظر انعقاده بينه وبين فرنجية، وكذلك في ضوء ما سيكون عليه موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع بعد لقاء منتظر سيُعقد في الرياض في أيّ وقت بينه وبين الحريري، فضلاً عن اللقاءات التي ستُعقد مع بعض المسؤولين السعوديين.

فعون المتمسك بترشيحه حتى الآن ولم يَحد عنه قيدَ أنملة يستند الى دعم حزب الله الثابت والراسخ له في هذا الترشيح حتى النهاية، وسيَلتزم الحزب أيّ خيار يتّخذه في ضوء لقائه وفرنجية، ولن يكون في وارد الطلب منه تغييرَ هذا الخيار حتى ولو كان مقاطعة الجلسة الانتخابية إذا ارتأى ذلك.

ويقول البعض إنّ عون يقف حالياً أمام ثلاثة إلى أربعة خيارات:

الأوّل، التمسك بالترشيح وخوض المعركة الانتخابية حتى النهاية، حتى ولو كان سيتنافس فيها مع حليفه فرنجية.

الثاني، التخلّي عن الترشيح لمصلحة فرنجية بعد اتّفاق بينهما على حصته الوزارية والإدارية في ظلّ العهد المقبل. ويقال في هذا المجال إنّ فرنجية مرّر لعون أنّه مستعدّ للتخلّي له عن «كوتته» الوزارية في الحكومة المقبلة، فيما تَردّد أنّ عون يريد استدعاءَ الضابط شامل روكز من الاحتياط وتعيينه قائداً للجيش وإيلاء حقيبة وزارة الداخلية للوزير جبران باسيل، على أن يكون هذان الأمران ضمن «سلّة مكاسب» وزارية وإدارية تُعطى لـ«التيار الوطني الحر» في العهد المقبل.

ثالثاً، الانسحاب نهائياً من السباق الرئاسي ومقاطعة جلسة الانتخابات والتموضع في موقع المعارضة لعهدِ فرنجية ولحكومة الرئيس سعد الحريري.

رابعاً، التحالف مع جعجع، إذا ظلّ الأخير معارضاً التسوية المطروحة، والذهاب معاً إلى حد تعطيل انتخاب فرنجية عبر عدم وجود إجماع مسيحي عليه، ومقاطعة الانتخابات بما يَحول دون توافرِ النصاب المطلوب للجلسة أو للجلسات الانتخابية المقبلة.

ويقول سياسيون معنيون بالاستحقاق الرئاسي إنّ الرياض ستشهد من اليوم سلسلة من اللقاءات بين الحريري وشخصيات متعددة ستتوافد إليها، قبل أن يقرر الاخير إعلانَ ترشيحه فرنجية لرئاسة الجمهورية باسمِ كتلة «المستقبل»، وهو ما ينتظره فرنجية حتى يبادر إلى إعلان ترشيحه، ويفترض أن يسبق هذا الأمر حسم الموقف بينه وبين عون إيجاباً، وهو يفضّل ذلك، أو سلباً، حيث يكون على ذلك مكرَهاً في حال ظلّ عون متمسّكاً بترشيحه.

العائدون من الرياض يتصرّفون على أساس أنّ التسوية سائرة إلى الخواتيم المرجوّة منها، فيما العائدون من دمشق يؤكدون أنّهم سيتصرّفون على أساس ما سيكون عليه موقف حزب الله، وهو الموقف الداعم لترشيح عون طالما استمرّ الأخير به أو تخلّى عنه متّخذاً خيارات أخرى.

المتفائلون يقولون إنّ التسوية ستحصل، وإنّ المعركة باتت معركة تأمين نصاب جلسة الانتخاب، فيما المتشائمون يقولون إنّ المسألة ما تزال في دائرة التعقيد وإنّ ثمَّة أشياء كثيرة يجب حسمُها قبل الحديث عن انتخاب الرئيس العتيد، فيما رئيس مجلس النواب نبيه بري يُحبّذ أن يتمّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي بتوافق وطني، بحيث يشارك الجميع في العملية الانتخابية ولا يغيب عنها أيّ مكوّن من المكوّنات السياسية والوطنية، ولا سيّما منها المكوّنات الوازنة وذات التمثيل السياسي والشعبي الملحوظ.

بعض السياسيين يقولون إنّ الاستحقاق الرئاسي إذا لم يُنجَز في وقتٍ لاحق من الشهر الجاري، فإنه سيتأخّر إلى السنة الجديدة. فيما بعض آخر من هؤلاء يقولون إنّ عدم حصول الاتفاق سريعاً على التسوية ـ الصفقة المطروحة سيعرّضها للفشل والسقوط وتدخُل البلاد عندها في طور جديد قد يطول معه أمد الشغور الرئاسي الى اشهر عدة، خصوصاً أنّ التساؤلات والهواجس التي يُعبّر عنها بعض الأفرقاء السياسيين حول أبعاد هذه التسوية وخلفياتها لم تنتهِ فصولاً بعد.

وإذ اعتبَر البعض اتصالَ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بفرنجية أمس مؤشراً على «جدّية» هذه التسوية التي طُبِخت غربياً أوّلاً قبل أن يبدأ طبخها محلّياً وإقليمياً، فإنّ فريقاً من السياسيين ازدادت شكوكه نتيجة هذا الاتصال الذي بدا وكأنّه محاولة لتأكيد «الشراكة» الفرنسية في «طبخة» الحلّ اللبناني، وكذلك محاولة لإيهام الفريق المعارض للتسوية أو المتحفّظ عنها حتى الآن بأنّه لا يستطيع تعطيلها.

لكنّ بعض الراسخين في «علوم» الاستحقاقات الرئاسية، إذا جازَ التعبير، يعتقدون أنّ انتخاب الرئيس لن يتمّ إلّا بالتوافق، وأنّ غياب مكوّنات عنه سيَمنع انعقاد جلسة الانتخاب، وهذا ما يدفع المعنيين بالاستحقاق إلى العمل لتلافيه وتجنيب البلاد خطرَ انقسام جديد.