IMLebanon

عون: مواجهة مع المسلمين بأيّ ثمن؟

بلجوء العماد ميشال عون إلى التحريض الطائفي بشكل سافر، يمكن تلمُّس الأزمة العونية التي خَلّفَها التحرّك الشعبي على دفعتين، والذي كشفَ هزالة قدرة العماد عون على تجييش مؤيّديه، في خدمة معركته العائلية.

أن يذهبَ العماد عون إلى أوروبا للقاء الرئيس سعد الحريري، وأن يحتفل بعيد ميلاده في بيت الوسط، فهذا شكّلَ قمّة الاستخفاف بعقول مؤيّديه، لا سيّما منهم الذين صدّقوا أنّ مشكلة عون مع الحريري وتيار «المستقبل»، هي مشكلة تتّصل بحقوق المسيحيين، فهؤلاء الذين رفَعوا لافتات طائفية ضدّ تيار «المستقبل»، يعانون من فقدان الذاكرة المزمِن، الذي يَجعلهم يرَدّدون يوماً وراء الجنرال ببّغائية، «ما في نوى إلّا سوا» في اليوم الأوّل، ثمّ يتَّهمون هم أنفسُهم في اليوم التالي، تيار «المستقبل» بالداعشية، كلّ ذلك على إيقاع المصالح الشخصية التي تتغطّى زوراً بحقوق المسيحيين، فيما الجنرال مستعدّ دائماً للقيام بأيّ تسوية تحفظ مصالحَه ومصالح عائلته.

وفيما تتفرّج معظم القيادات الدينية والسياسية المسيحية على الكارثة التي ستقود المسيحيين إلى ما لا تُعرَف نتائجه، يستمرّ الجنرال بألعابه الخطرة التي لا يدفع من جيبه الخاص ثمنَها، في مشهد يذكّر بالعام 1988 حين أعلنَ حربَ التحرير ضد الاحتلال السوري، بعدما تعذّرَ عليه أن يكون مرشّح التوافق الأميركي – السوري، فكان اختلال في ميزان القوى استنزفَ المسيحيين وأتي باتّفاق الطائف، وأنتجَ 15 عاماً من الهجرة والنفي والخَلل على الصعيد الوطني، فهل سيتكرّر المشهد نفسُه بفعل الأسباب نفسها التي حدَت بعون أمس واليوم الى محاولة تغيير المعادلة، وجرّ المسيحيين الى تسوية جديدة، تفقِدهم بأضعاف ما خسروه في الطائف؟

تتساءل أوساط مسيحية عن سبب صمت القوى السياسية والدينية المسيحية على ما يقوم به عون، من الكنيسة الغائبة، الى سائر القوى الحزبية والمستقلين، خصوصاً أنّ هذا الصمت يعطي عون فرصةً ولو محدودة لتظهير مصالحه العائلية على أنّها مشكلة إسلامية – مسيحية، وهذا ما ظهرَ من خلال اليافطات التي رفعَها العونيّون في تظاهرتهم غير الحاشدة.

وتؤكّد الأوساط أنّ هذه اليافطات التي كادت تحدِث فتنة طائفية، لم تكن مجرّد عمل شبابي طائش، بل كانت بطلب من الجنرال نفسِه، الذي أراد اللعبَ على الوتر الطائفي، وتصوير معركته على أنّها معركة بين المسيحيين والسُنّة لاسترداد «الحقوق».

وتشير الأوساط الى أنّ قرار افتعال فتنة طائفية كان قراراً مركزياً، أراد منه عون جرَّ البلد إلى مشكلة طائفية ومذهبية، فهذا الافتعال كان قادراً لولا حكمة قيادة «المستقبل»، على أن يتحوّل مشكلة إسلامية – مسيحية في الشارع، لا بل مشكلة سنّية – شيعية، حيث بات الواضح أنّ عون يعمل على هذه الفتنة، لاعتقاده بأنّها قادرة على اجتذاب «حزب الله» إلى تنفيذ ما يشبه السابع من أيار، وحينها يضَع الجميع أمام المأزق، ويسرع في ضرب معادلة التوازن التي أنتجَها تشكيل الحكومة والتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي.

غير أنّ الأخطر الذي خطّط له عون هو الاصطدام بالجيش، وتوريطه في لعبة الدم، وتشويه صورة قائده التي لم تُشوّهها صورة الشمبانيا، لكن وعلى ما تقوله الأوساط، تجنّبَ الجيش مرّة جديدة هذا التوريط، وامتنَع عون عن استعمال هذا السلاح موَقّتاً بعدما تلقّى تحذيراً شديداً من حلفائه بعدم التعرّض للمؤسسة العسكرية.

وتختم الأوساط بالتساؤل عن صمت القوى المسيحية إزاء ما يقوم به عون، وعن سكوت الكنيسة على هذه المحاولات الفتنوية التي تضَع المسيحيين في مواجهة لا يريدونها، فإلامَ سيستمرّ هذا الصمت، الذي يشبه شراءَ الوقت قبل حصول الكارثة؟