في ظل غياب المؤشّرات الخارجية عن دعم أو تحفّظ عن إقدام رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع على دعم ترشيح رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، بدأت ترتسم تباعاً على الساحة الداخلية ملامح المواقف السياسية منها، حيث رأت مصادر وزارية مطّلعة، أن ما رشح حتى الآن يدلّ على أن الركود الرئاسي مرشّح لأن يطول لفترة طويلة خلال الأشهر المقبلة. وكشفت أن ارتدادات الخطوة المسيحية التاريخية، لم ترتقِ بعد إلى مستوى الآمال المعقودة عليها لجهة تحريك هذا الركود بشكل شامل، ودفع كل القوى المحلية إلى الحماسة للمشاركة في جلسة الإنتخاب المحدّدة في الثامن من شباط المقبل، وبالتالي، فإن النصاب القانوني لإجراء الإنتخابات الرئاسية لن يكتمل. واعتبرت هذه المصادر، أن المشهد التصالحي في معراب مطلع الأسبوع الجاري، قد وضع كل الأطراف أمام الإختبار الفعلي، ودفع أكثر من شخصية قيادية إلى التخلّي عن كل مواقفها المعلنة من الإستحقاق الرئاسي، وجعلتها تقدم على مراجعة شاملة لتداعيات الحدث الأخير.
ورأت المصادر الوزارية نفسها، أن أكثر من حاجز داخلي لا يزال يحول دون الإفراج عن الإستحقاق، ويعرقل التوافق الذي كان من المفروض أن تدفع إليه المصالحة المسيحية ـ المسيحية، وتوافق الحلفاء الجدد. وأضافت أن أبرز هذه الحواجز يتمثّل في الإحراج الذي يواجهه حلفاء الدكتور جعجع والعماد عون في صفوف فريقي 8 و 14 آذار، وذلك تجاه التفاهم الجديد الذي كانت معراب مسرحه. وأوضحت أن هذا الواقع قد برز إلى العلن بشكل قوي من خلال ردود الفعل المبهمة حول المصالحة المسيحية، حيث أن فارقاً كبيراً قد ظهر ما بين ما كان يُعلن في الإعلام وفي المجالس السياسية عن وجوب اتفاق المسيحيين أولاً على مرشّح قوي، وبين ما يُسرّب اليوم بشكل مباشر أو غير مباشر، عن أن الإستحقاق الرئاسي لم يعد شأناً مسيحياً فقط. فالإختيار قد بات صعباً لدى الحلفاء الأساسيين للدكتور جعجع وللعماد عون، أي تيار «المستقبل» و«حزب الله» كما ذكرت المصادر نفسها.
في المقابل، فإن استمرار المرشّحين العماد عون ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في المواجهة بشكل صريح، يرتبط، وكما أكدت المصادر الوزارية المطلعة ذاتها، بالموقف الحاسم الـذي لم يعـلنه بعد «حزب الـله»، والذي لم يتخلَّ يوماً عن دعم ترشيح العمـاد عون، واعتباره ممراً إلزامياً للإنتخابات الرئاسية. وأضافت أنه طالما أن هذا الموقف ما زال يُدرس في الكواليس، فإن كل السيناريوهات باتت متوقّعة اليوم، وذلك لجهة تحليل وقراءة هذا الموقف، بناء على ما يتم تسريبه من قبل عدة شخصيات في فريق 8 آذار خصوصاً، كما من خلال تأكيد أكثر من مرجعية سياسية خارج هذا الفريق على استمرارها في دعم ترشيح النائب فرنجية للرئاسة.
والسؤال المطروح في هذه المرحلة وهو الأبرز اليوم كما تقول المصادر الوزارية نفسها، يتركّز حول قيمة وفاعلية الحوار الثنائي بين «حزب الله» وتيار «المستقبل»، والذي سيرجّح كفّة أحد المرشحّين الأساسيين للرئاسة الأولى، ولكن من دون أن تحدَّد أي مهلة حتى الساعة لانخراط الفريقين في نقاش مجدي حول هذا الواقع، لا سيما أن المعطيات لم تكتمل بعد لدى الطرفين. وفي ظل غموض مصير التسويات في المنطقة، واستمرار التصعيد الإيراني ـ السعودي، فإن القرار النهائي بإنهاء الشغور الرئاسي قد يتأخّر بعد.