IMLebanon

تناغم عون – الراعي… ضربة قوية لـ”الثنائي”!

 

شكلت العبارة الشهيرة التي قالها رئيس الجمهورية ميشال عون، بأن الوضع سيذهب إلى “جهنم” في حال استمرار تشبث الأفرقاء بمواقفهم وعرقلة تأليف الحكومة، حديث الساعة لدى كل الشعب الذي يعلم هذه النتيجة وهو الذي ثار على الطبقة السياسية لئلا يصل إلى هذه النقطة التي أفصح عنها الرئيس.

 

للمرة الأولى منذ توقيع تفاهم “مار مخايل”، في 6 شباط 2006، يتمايز عون عن “حزب الله” بهذه الطريقة الواضحة والصريحة، حتى أن البعض ظن أن هذه المواقف، وإن حاول فيها عون الظهور بمظهر الموضوعي بتحميل نادي رؤساء الحكومات السابقين جزءاً من المسؤولية، تخرج من فمّ رجل سياسي ينتمي إلى قوى “14 آذار” وليس من رأس العهد المتهم بأنه المدافع الأول عن سياسات “حزب الله” وتصرفاته.

 

كان عون واضحاً في تأييد مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية وعلى رأسها وزارة المال، مستنداً إلى مواد الدستور التي لا تتحدّث عن حق طائفة أياً كانت في احتكار حقيبة، وبدا عون كأنه يردد ما قاله البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة قداس شهداء “المقاومة اللبنانية” في سيدة إيليج عندما سأل سيد بكركي: بأي حق تطالب طائفة بالإحتفاظ بحقيبة كأنها ملك لها وتعطّل تأليف الحكومة ولا يهمها ما تسبب من أذى للبلاد؟

 

عون الذي وقف أمام الإعلاميين أمس الأول وتحدث عن المداورة، ليس عون نفسه الذي كان منذ بداية العهد مدافعاً عن “حزب الله”، وكان الجميع يلاحظ أن رئيس الجمهورية كان يوافق على كل ما كان يقوله الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، في حين أنه تبنى في إطلالته الأخيرة مواقف البطريرك الراعي وسط التباعد الكبير بين مواقف الأخير ونصرالله، ما يدل على أنّ هناك شيئاً ما قد يحصل.

 

ويعيد المطلعون سبب مواقف عون المتقدمة إلى أنها تأتي أولاً في سياق دعم جهود إنجاح المبادرة الفرنسية وأنها “مبادرة إنقاذية للوطن وللعهد أيضاً”، ثانياً تأتي في سياق الإصرار على المداورة إذ إن العهد ومن خلفه رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل لا يقبل بالتخلي عن وزارة الطاقة في حين تترك وزارة المال مع حركة “أمل”، أما السبب الثالث فيعود إلى سيف العقوبات المصلت على رقاب رجال العهد وأبرزهم باسيل.

 

المشهد السياسي بعد كلام عون، يوحي بأن مروحة تغطية سلاح “حزب الله” وقبضته على السلطة مع حركة “أمل” تضيق تلقائياً، إذ إن الغطاء المسيحي المتوافر منذ العام 2006 وفي أحلك الظروف مثل حرب “تموز” بدأ يضمحل، فالبطريركية المارونية بقيادة الراعي كانت تأخذ موقفاً حيادياً إلى أن خرج الراعي بانتفاضته الشهيرة في تموز الماضي مطالباً بالحياد، من ثم إستكملها برفض المثالثة وأي مؤتمر تأسيسي في ظل وجود ظاهرة السلاح وتفشيها، في تصويب واضح على “حزب الله”.

 

وبعد مواقف الراعي، أتت مواقف عون الذي اعتاده الرأي العام مسانداً لـ”حزب الله” في كل حروبه وخصوصاً في صراعه مع الدول العربية، وها هو يقف في الصفّ المناهض لـ”الحزب” أقله في ما خصّ مطلب الإحتفاظ بحقيبة “المال”، ما قد يطرح أكثر من علامة استفهام عن علاقة عون و”حزب الله”، خصوصاً أنه ما زالت هناك سنتان من عمر العهد.

 

لا شكّ أن قنوات التواصل لم تنقطع بين العهد و”التيار الوطني الحرّ” من جهة و”حزب الله” و”أمل” من جهة ثانية، إلا أن شهر العسل قد انتهى وباتت العلاقة تسير على “القطعة”.

 

وعلى رغم الكباش مع “القوات اللبنانية”، يبدو أن “التيار الوطني الحرّ” يتجه إلى محاولة إستعادة بعض شعبيته التي خسرها، من ثمّ تحصين موقعه المسيحي وعدم السباحة عكس توجهات وعظات الراعي، وهذا ما يفسر تلاقي المواقف بين عون والراعي الذي وجه ضربة كبيرة لمحاولة “الثنائي الشيعي” الإستقواء وفرض ما يريده رغماً عن إرادة كل اللبنانيين.