IMLebanon

عون وبري من كوكبين مختلفين

 

اعتبر احد الفلاسفة الالمان الحياة بأنها فلسفة التناقضات وانه يستحيل قيامها واستمرارها دون قطبين: أحدهما سلبي والآخر ايجابي، ولعل هذه الفلسفة تنطبق حفراً وتنزيلا على ابرز شخصيتين في البلد وهما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري حيث وصلا الى الحلبة السياسية من كوكبين مختلفين ولكن يجمعهما امران: النظرة الى المقاومة والخلاف على كافة الاصعدة في مقاربة الملفات وانتاج الحلول حيث يشكل احدهما نقيض الآخر في الممارسة والشخصية والطباع، وعجز كافة الضاربين في الرمل السياسي ايجاد اي اثر للكيمياء بينهما وفق الاوساط المواكبة لايقاع الرجلين.

وتضيف الاوساط ان موقف بري من مسألة ترقية ضباط دورة 1994 لن يكون الاخير، فان الخلاف بينه وبين عون لن ينتهي الى ان يقدّر الله امراً كان مفعولا وربما رفضه لمرسوم الترقيات موضع الخلاف يعود في احد اسبابه رفض برّي اضفاء المشروعية على عهد الجنرال ابان تسلمه البلاد عبر حكومة انتقالية عشية مغادرة الرئيس امين الجميل لولايته تاركاً الجمهورية في المجهول بعد تعذر نقل مقاليد الرئاسة الى خلف لم يتم انتخابه وانقسمت الرقعة المحلية حول حكومتين لم تعترف اي منهما بشرعية الآخر او بوجودها.

وتشير الاوساط الى ان موقف بري يندرج اولا واخيرا في مسلسل «الجهاد الاكبر» الذي اعلنه من جنيف اثر قيام رئيس الحكومة سعد الحريري بالسير بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية في وقت كان بري يدعم وصول النائب سليمان فرنجية الى الكرسي الاولى، وخاض معركة الاوراق البيضاء حيث شهدت الجلسة المشهورة الكثير من اللعب على الاعصاب وكادت تخرج الجنرال من ثيابه ومن الجلسة، كون ما احيط بها خرج عن كل مألوف ومعقول من «خربطة» عدد الناخبين من حيث زيادة ورقة واحدة على عديد النواب وصولاً الى الورقة التي انتخبت ميريام كلينك.

وتقول الاوساط ان اكثرما اثار بري ان عون لم يعترف بشرعية مجلس النواب المجدد لنفسه والذي طعن به عبر كتلته النيابية امام المجلس الدستوري الذي اطيح نصابه يومذاك وان الجنرال يعتبر وصوله الى الكرسي الاولى تسوية طالما اعتمدت في عالم السياسة المحلية ولا عيب في ذلك طالما البلد بأسره كان تسوية من التسويات التي ارستها الحرب العالمية الاولى وكرستها الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من تهنئة بري لعون اثر انتخابه فانه تعمد خرق البروتوكول ولم يعلنه رئيساً للبلاد كما يفعل عادة في انتخاب رؤساء الجمهورية، وان رفض بري لمشروع الترقيات يندرج في خانة الحرب المستمرة بين القطبين منذ استعادة دائرة جزين الانتخابية من فيء عباءة المصيلح، وان المسألتين متطابقتين في بعض وجوهها، ورئيس المجلس النيابي فوجئ بالموقف الموحد بين اركان السلطة التنفيذية دون عرض الامر عليه ورأى في ذلك محاولة لاستفراده واسقاط هالة «سيد المخارج» الذي كان  غالباً ما يخرج من كمه ارانب الحلول عنه، ولعل اللافت ان بري قام بالغمز من قناة القضاء كونه محسوباً على جهة معروفة، معتبراً ان «الضعيف هو من يلجأ الى القضاء» ما يدل على علو السقف الخلافي بين بعبدا وعين التينة وان المرحلة المقبلة ستكون خصبة في المنازلات بين طرفين قويين، فهل يدخل شريك الشريك على خط اصلاح ذات البين بينهما خصوصاً وان المجريات في المنطقة لا تبشر بالخير او بقرب الحلول