عون وبرّي يتريثان في تنفيذ المجرى الدستوري للرسالة الرئاسية حول المادة «49» بإنتظار القرار
رئيس الكتائب يتقدّم بطعن أمام «الدستوري» بموازنة 2018 بعد تأمينه تواقيع 10 نواب
في الوقت الذي كانت فيه التحضيرات في مجلس النواب، لتلقف رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول اعادة النظر بالمادة 49 من الدستور – التي تتحدث عن اعطاء الإقامة المؤقتة لأي اجنبي يمتلك شقة في حدود 500 ألف دولار في بيروت و300 الف خارجها – جاء الطعن من قبل عشرة نواب بقانون الموازنة ككل «لتضمنه اكثر من مخالفة تتعلق بالتوطين وقطع الحساب»، ليفرمل اي تحرك برلماني بناء للتشاور بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، بانتظار قرار المجلس الدستوري (اكان طعنا جزئيا او كليا)، الذي يبقى امامه شهر من تاريخ تقديم الطعن، والا اعتبر كأنه لم يكن، مع الإشارة الى ان اي تصرف للرد على الطعن في حال قبوله، لن يكون قبل مضي فترة الشهر – ويصادف 24 أيار – اي يرحل الى المجلس النيابي المقبل، لأن ولاية المجلس الحالي تنتهي في 20 أيار المقبل، اما اذا لم يصدر خلال هذه المدة اي قرار، فيعتبر القانون قائما حكما.
وفي التفاصيل، وجّه الرئيس عون بالأمس، حسب بيان صدر عن مكتبه الإعلامي، رسالة الى مجلس النواب بواسطة رئيس المجلس نبيه بري، طالبا اعادة النظر في نص المادة 49 من قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2018 والتي تقضي بمنح اقامة الى كل عربي او اجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان بالشروط التي حددتها المادة المذكورة، ، ولفت البيان الى ان «طلب رئيس الجمهورية تم استنادا الى الفقرة 10 من المادة 53 من الدستور (والتي تنص على ان من صلاحيات رئيس الجمهورية توجيه رسائل الى مجلس النواب عندما تقتضي الضرورة)، وبناء على المادة 145 من النظام الداخلي للمجلس النيابي الصادر في 18/10/1994 وتعديلاته لا سيما الفقرة 3 منها».
واستنادا الى الرسالة، فان رد مجلس النواب ينطلق من اجرائين، طبقا للمادة 145 من النظام الداخلي، اكانت الرسالة بواسطة رئيس المجلس ام المجلس مباشرة، حيث تعتمد الإجراءات التالية:
1- إذا كانت رسالة رئيس الجمهورية مباشرة، يبادر رئيس المجلس إلى دعوة المجلس إلى الانعقاد خلال ثلاثة أيام من تاريخ إبلاغه رغبة رئيس الجمهورية.
2- بعد استماع المجلس إلى رسالة رئيس الجمهورية، يرفع رئيس المجلس الجلسة لمدة 24 ساعة، تستأنف بعدها الجلسة لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب.
3- أما إذا كانت الرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس، فعليه أن يدعو المجلس للإنعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة مضمون الرسالة، واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب.
الطعن بالموازنة
وفي خطوة قد لا تكون مفاجئة نظرا للسياق الذي رافق اقرار الموازنة، وبالتزامن مع توجيه الرسالة، تقدم رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل صباح امس إلى المجلس الدستوري، بطعن بقانون الموازنة والمادة 49 بعد نجاحه في الحصول على 10 تواقيع، وان كانوا لا يمثلون ايا من الكتل النيابية الكبرى، وهم الى الجميل، نواب كتلة الكتائب: ايلي ماروني، نديم الجميل، سامر سعادة، فادي الهبر، والنواب: ايلي عون، دوري شمعون، جيلبرت زوين، يوسف خليل وسيرج طورسركيسيان، وصاغ الطعن مستشارة الجميل للشؤون القانونية المحامية لارا سعادة.
وتمحور الطعن في مضمونه حول أن المخالفات في قانون الموازنة عديدة، بداية «مخالفة الفقرة «ط» من مقدمة الدستور والمادة 83 في ما يتعلق بالمادة 49 من الموازنة والتي هي تشريع لاقامة الاجانب وخصوصا اللاجئين السوريين بشكل غير محدد بالزمن ما يشكل تعديا على مصلحة لبنان العليا، وثانيا، مخالفة المادة 87 المتعلقة بقطع الحساب وهي ايضا مخالفة لفصل السلطات وتوازنها عبر منع مجلس النواب من ممارسة صلاحياته الرقابية والمالية، اضافة الى الفقرة «ه» من مقدمة الدستور والمواد 81 و82، ومخالفة المهل الدستورية المنصوص عنها في المادة 32 و83، ومخالفة سنوية الموازنة وبالتالي المادة 83 ووحدة الموازنة وشموليتها وبالتالي المادة 83».
وإذ وصف النائب الجميل الطعن بالتاريخي، شدد على ان «الهدف من هذا الطعن هو وقف الخطأ الكبير الذي ارتكب بحق البلد من خلال المادة 49 اولا، وثانيا اعادة الامور الى نصابها الصحيح على الصعيد المالي في لبنان».
وتابع الجميل: «عندما اردنا الطعن بموازنة العام 2017 تعرض النواب للضغط لمنعهم من التوقيع، مع العلم ان جزءا كبيرا من النواب اعلنوا خلال الجلسات ان الموازنة مخالفة للدستور بغياب قطع الحساب انما حاولوا التهرب من الطعن، لكن ثابرنا وتمكنا هذه المرة من الطعن بعد ايجاد 10 تواقيع بعد ان تعذبنا لتامينها».
وعن طلب رئيس الجمهورية اعادة النظر في هذه المادة وقول النائب ابراهيم كنعان انه تم تعديل الصياغة، اوضح رئيس الكتائب ان «تعديل الصياغة لا يغير المضمون، والنص المنشور في الجريدة الرسمية ما زال هو نفسه ويتم ربط اقامة الاجانب بملكية الشقة التي من الممكن ان تكون دائمة، وبالتالي اذا كانت الملكية دائمة ستكون الاقامة دائمة اي ان هناك تثبيتا لاقامة السوريين في لبنان الى مدى غير منظور وكل كلام عن عودتهم الى بلادهم في مرحلة اخرى سيكون فارغا من مضمونه».
وأوضح ان «رسالة رئيس الجمهورية لم تصل بعد الى المجلس، اما البند 49 فأقر واصبح ساري المفعول. ونحن علينا ايقافه بأسرع وقت، واذا كان هناك من تعديل فليحصل في المرحلة اللاحقة، لان هذه المادة تؤذي لبنان على المدى الطويل، في حين ان الدول الاخرى لا يتواجد على ارضها مليون ونصف لاجئ نشرع بقاءهم وديمومة وجودهم في لبنان.
تريث رئاسي
ولاحقا، وبعيد تقديم الطعن، صدر عن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية، اعلن فيه انه تم التشاور بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب بالواقع المستجد، وتوافقا على التريث في إعطاء المجرى الدستوري للرسالة الرئاسية التي كان وجهها فخامة الرئيس امس إلى مجلس النواب بواسطة رئيسه، وذلك ريثما يبت المجلس الدستوري بالطعن المقدم ليبنى بعد ذلك على الشيء مقتضاه.