IMLebanon

تعريفات ضائعة بين سيبويه ولافوازييه

 

ليس إنفصاماً أو إنفصالاً عن الواقع ما نسمعه من رموز العهد القويّ، وإنما التباس في فهم التعريفات المتعلّقة بأساسيات الحكم والتحكّم بمفاصل قيادة لبنان.

 

ليهدأ المنتقدون قليلاً. فالمشكلة تكمن في فهم هؤلاء للتعريفات المتعلّقة بهذه الأساسيات، والذنب لا يقع عليهم، وانّما على سيبويه، وهندسته لهذه اللغة العربية الفضفاضة وحمّالة الأوجه، والمعقّدة أحياناً والمُستعصية على الترجمة البسيطة والمباشرة. وتحديداً عندما يتعلّق الأمر بمصطلحات على وزن “القانون والدستور والصلاحيات والفساد”.. وما الى ذلك من تعابير غلَّبت التسميات الطائفية التي لا علاقة لها بالتعريفات والمصطلحات التشريعية، لتُستخدم في غير محلّها منذ حلّت الشرعية الشعبية محلّ الشرعية الإنتخابية في قراءة نتائج صناديق الإقتراع. ما أدّى في حينه الى الديموقراطية التوافقية التي حالت دون المساءلة ونسفت مفهوم الموالاة والمعارضة من أساسه. فصار أيّ انتقاد لممارسات شاذّة ومجرمة هو تطاول على الطائفة بغثّها وسمينها. ورَبَطَ السلاح غير الشرعي ببيئة حاضنة تختزل الطائفة، منها يتغذّى ويغذّي محوره الإيراني وأطماع الأمبراطورية الفارسية.

 

ووفق هذا الإجتهاد، يصبح معذوراً رئيس الجمهورية عندما يقول إنّ “حزب الله” تحت القانون، فهو لم يحدّد أي قانون؟ ومَن انتقده تهوّر وتسرَّع. ربما يقصد فخامته قانون الجمهورية الإسلامية أو قانون لافوازييه أو أرخميدوس!!

 

وليس مُلاماً الصهر المعجزة، عندما يصف قمع اللبنانيين ومطالبتهم بدولة ومؤسسات بإحباط مؤامرة الإنقلاب على العهد، كانت تهدف الى إحداث فراغ في المؤسسات جرى إجهاضه. كذلك ما حصل قبل ما يقارب العام، عندما اعتبرت مصادر الرئاسة أنّ لا تساهل حيال أي حديث عن إنهيار الليرة، لأنّه “مقدّمة لتقويض الدولة وضرب العهد”.

 

فالفراغ الذي يتحدّث عنه الصهر، هو قطعاً غير الفراغ الذي سبق إنتخاب العمّ لسدّة الرئاسة الأولى. حينذاك، كان التعطيل في إطار ممارسة الحقّ الدستوري المصان، والذي لم يتعارض مع المصلحة العليا للبلاد والعباد. وكذلك التعطيل الذي ساد تشكيل حكومات، لعدم حصوله على الحصّة المتوخّاة وِفق مفهوم هذا الفريق للحقوق التي يعتبرها حكراً عليه، وللواجبات التي تلزم غيره من دونه.

 

والربط بين “العهد” و”الدولة” يصبّ أيضاً في الإلتباس على جبهة فهم التعريفات.

 

فلا أحد تبرَّع وأخضع هذا الفريق الى دورة تدريبية، تسمح له بالتمييز بين “الدولة” التي ترتبط بالدستور، وبدعة تسمية “العهد”، الذي لا يرتبط الا بأصحابه الجشعين الى “السلطة” و”النفوذ” و”المحاصصة”. وهذه التعريفات الثلاثة لا علاقة لها بـ”الدستور” و”القانون” و”الصلاحيات” المنبثقة عنهما.

 

لكنّه الجوع العتيق الذي يُحوِّر التعريفات والمصطلحات، ويُفَصِّل مرافق الدولة بين وزارات سيادية وأخرى خدماتية، ويدّعي أحقيةً في تناتشها، من دون حياء أو رادع أو وازع.

 

كما يُفصّل “السيادة” على قياس المِحور. فلا يمسّها الضرر عندما يتعلّق الأمر بإعلان مسؤولين إيرانيين أنّهم يحتلّون أربع عواصم عربية، من ضمنها لبنان، ليهتك سترها إذا صدر تصريح أو تلميح من الشيطان الأكبر ومن لفّ لفه.

 

ولا تظلموا العهد من العمّ الى الصهر، فهما قطعاً لا يتعمّدان الاستنسابية في استخدام التعريفات والمصطلحات، وإنّما يلتزمان الأجندة التي أعطتهما مُسبقاً عهداً، لتأخذ منهما ما تترجمه أحياناً لاحقاً “عبثية” بنّاءة، بالرغم من أنف سيبويه.