اذا كان انعدام الكيمياء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري من الاسباب الرئيسة التي باعدت بين الرجلين الى حدود القطيعة احياناً قبل وصول عون الى القصر الجمهوري، فان بعض الجهات التي تتطور مصافها في حال توافق الرجلين تسعى الى صب الزيت على النار لحرق القانون الانتخابي وسوق البلدات الى المجهول من خلال فتح معركة جانبية بين الرئاستين الاولى والثانية عنوانها فتح الدورة الاستثنائية ما دفع برّي الى وضع النقاط على الحروف في مؤتمره الصحافي في الاول من امس معلناً فيه «انه ورئيس الجمهورية من النوع الذي لا يبيع ولا يشتري» كاشفاً انه تراجع عن موقفه السابق الرافض للقانون الذي اعده النائب جورج عدوان واعتماده لاجراء الانتخابات على قاعدة 15 دائرة وهذا الامر ينهي الخلاف حول الصوت التفضيلي وخصوصاً ان بعض الاقضية وفق القانون العتيد ستجرى على اساس القضاء وفق الاوساط المواكبة للمجريات.
وعلى الرغم من وضوح موقف برّي الذي لا يزال ينتظر موافقة عون على توقيع مشروع المرسوم لفتح الدورة الاستثنائية والا فانه قد يجد نفسه مضطراً الي فتحها على قاعدة «مكره اخوك لا بطل» باللجوء الى المادة 33 من الدستور حيث النص واضح ويستخدم صيغة الالزام: «على رئيس الجمهورية دعوة المجلس النيابي الى عقود استثنائية اذا طلبت ذلك الاكثرية المطلقة من مجموع اعضاء»، فان ما يجري في بعض الكواليس من حراك لا يبشر بالخير بتاتاً واذا كان من المفترض قبول بعض الاطراف قانون عدوان كونهم من المنادين به سابقاً والمتحمسين له فان الغريب انه رغم تراجع بري فان المعنيين قرنوا موافقتهم على القانون المذكور بضوابط ليصح كلام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في البترون في الاحتفال الاسقفي «بالعيد الوطني للعائلة» والذي اتهم فيه السلطة بأنها «اوصلتنا الى شفير هاويتي التمديد والفراغ».
وتضيف الاوساط ان قانون عدوان اذا جاز التعبير يرضي القوات والثنائية الشيعية و«تيار المستقبل» والنائب وليد جنبلاط الا انه ازعج وزير الخارجية جبران باسيل على خلفية انه قدم اكثر من قانون واسقطت جميعها بفعل كيدية مدروسة لا بد وان يرد عليها بنفس المعيار وهو الساعي لان يكون «التيار الشيعي الثالث في الطائفة الشيعية» وفق كلامه في جولته على البقاع الشمالي في الاول من امس، فاذا كان بري قد اعلن في مؤتمره الصحافي انه طوى صفحة المجريات بينه وبين عون بعد انتخابه رئيساً للجمهورية فيبدو وفق الاوساط نفسها ان لباسيل دفاتر مفتوحة مع رئيس مجلس النواب على خلفية ان قوانينه الانتخابية وآخرها التأهيلي سقطت جميعها لرفض بري لها اضافة الى ان حلفاء «ابو مصطفى» لا يأمنون جانب رئيس «التيار الوطني الحر» ويتهمونه بالاستعلاء والالغائية وفي طليعتهم النائب سليمان فرنجية الذي يعتبر ان «الخطر الكبير عملية تطويع الطوائف» وقد حذّر في اكثر من مناسبة من اعتماد قوانين باسيل التي «صيغت لاقصائنا».
وتشير الاوساط الى ان فرنجية منذ زيارته لباسيل في البترون عشية ترشيحه من قبل رئيس الحكومة سعد الحريري لرئاسة الجمهورية لا ينام على الضيم الذي لحقه في تلك الزيارة وما تخللها من خرق للبديهيات كي لا نقول للاعراف، وكان من ابرز تداعياتها مقاطعته للقصر الجمهوري وعدم زيارته لتهنئة عون الذي «كان ينزله منزله ابيه»، اما حليف بري وصديقه التاريخي النائب وليد جنبلاط فانه يحترف الانتظار «للمسعى الصامت» الذي يتجسد بقانون عدوان الذي يريحه لاعتماده الشوف وعاليه دائرة انتخابية واحدة، واذا كان بري قد وجد في القانون المذكور ما يحمي حليفيه فرنجية وجنبلاط، فان باسيل ينظر بتوجس الى ما آلت اليه الامور خصوصاً وانه اكتوى بدورتين انتخابيتين في البترون، فشل فيهما في الوصول الى المجلس ويخشى ان تكون «الثالثة ثابتة» في الانتخابات المقبلة لا سيما وان للقوات مرشحا و«للكتائب» مرشحا آخر كما ان النائب بطرس حرب ملاكم من الوزن الثقيل.