لأسباب لم تعلن عنها، ارتأت كتلة «الوفاء للمقاومة» ان لا تعقد اجتماعها الدوري – الاسبوعي أول من أمس.. وتركت للجميع حرية الاجتهاد في البحث عن الأسباب والدوافع التي جعلت الكتلة النيابية لـ»حزب الله» تغيب عن ابداء الموقف الرسمي من التطورات المستجدة على الساحة اللبنانية، وتحديداً «اعلان معراب» الذي توج بتبني رئيس «القوات اللبنانية – سمير جعجع ترشيح (الجنرال السابق) النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية، وهو «الممر الالزامي» لرئاسة الجمهورية على ما كان قال وردد ذلك الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله..
لا يحتاج الأمر الى مزيد من البحث عن الأسباب.. فالمسألة واضحة وهي ان الكتلة فضلت التغيب لتجنب الحديث العلني عن «اعلان معراب»، لا أكثر ولا أقل.. فأي بيان يصدر عن الكتلة لا يحمل موقفاً من هذا الاعلان ستكون له تفسيراته التي لا تخدم تصور الحزب المرحلي القائم على قاعدة «واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان..»؟! بانتظار ان تتبلور المعطيات وتتضح الصورة على المستويات الدولية والاقليمية، قبل المحلية، لاسيما وان «الفرصة الذهبية» التي حلّت على ايران بابرام الاتفاق النووي ونفاذه برفع العقوبات الدولية والازدحام الدولي الكثيف بحثاً عن فرص استثمار في دولة السبعين مليون انسان لا يمكن ادارة الظهر لها والتصرف وكأنهما غير موجودين..
لن يكون «حزب الله» في وضع حرج إن طال أمد انتظار التوافق على اجراء الاستحقاق الرئاسي.. فالساعون الى تمديد «ولاية الانتظار» يشكلون الغالبية المؤثرة في القوى السياسية وفي الكتل النيابية.. وهو «يضع يديه ورجليه في مياه باردة» يرقب ما ستفيض عنه مواقف سائر القوى المحلية، كما والاقليمية «ليبنى على الشيء مقتضاه»، وهو لن يسارع الى «حرق أوراقه» من قبل ان تتظهر الصورة النهائية لاصطفافات الداخل، وقد دلّت بعض المعطيات، ان «اعلان معراب غير سالك وغير آمن».. أقله حتى اليوم.
لا تخفي مصادر «حزب الله» كما مصادر «المستقبل» كما الرئيس نبيه بري، ان الجميع ليسوا في عجلة من أمرهم لانجاز الاستحقاق الرئاسي.. «ومن شرب بئر الانتظار لنحو سنتين لن يغص في ساقية كم شهر اضافي..»؟! وقد تعزز ذلك، باتساع خريطة المتحفظين، بل والرافضين لاعلان معراب، ولكل سببه والمعطيات التي يبنى عليها، ما يفسر معنى ان يتمسك «تيار المستقبل» (مثلاً) بخيار ترشيح النائب سليمان فرنجية، وان بصورة غير رسمية، ويعتبره خياراً متقدماً على ما سواه من خيارات، خصوصاً وأن «اعلان معراب» لم يكن كافيا للبناء عليه.. لاسيما بعدما أوضح رئيس «التيار الحر» (وزير الخارجية) جبران باسيل في نهاية جولاته على القوى السياسية والاحزاب «الحليفة» ان «الثوابت اللبنانية التي نتوافق فيها مع جعجع، لا تتعارض أبداً مع خط حلفائنا في قوى الثامن من آذار» وقد عددها بالاسم («السيد حسن نصر الله، الرئيس نبيه بري الحزب القومي، رئيس «المردة» سليمان فرنجية»)، مشدداً على ان «الرهان على أي اختلاف او خلخلة في خطنا السياسي (هذا) ليس رهانا صائباً»؟!.
رسالة الطمأنة هذه لم تبلغ نهايتها ولم تصل الى حيث أراد «التيار الحر» الذي يتمسك بأن «عون رقم أساسي في المعادلة السياسية.. وكذلك فرنجية»؟! وما عزز هذه «الضعضعة» بل و»القناعة» عند «التيار الحر»، ان «حليفه الجديد» سمير جعجع، لم يتمكن من احداث أي خرق يذكر، مهما كان بسيطاً عند حلفائه في قوى 14 آذار، يعيد خلط الاوراق ويعزز من فرصة انعقاد جلسة لانتخاب رئيس مضمونة النتائج لصالح عون؟!
إلى اللحظة، لن يفرط «حزب الله» بتحالفه مع العماد عون و»تياره الحر».. وهو ينأى بنفسه عن المشاركة (سلباً او ايجابا) في تسويق «اعلان معراب»، من أجل ان تتظهر الصورة أكثر، ويشعر «الثنائي الماروني» الجديد (عون وجعجع) ان الساحة ليست مهيأة لهذه «الثنائية» وهما أكثر حاجة اليه اليوم أكثر من أي يوم مضى، لاسيما بعد تسريب مواقف (نفتها مصادر سعودية) عن ان الديوان الملكي السعودي «أبلغ جعجع بأن تأييده ترشيح عون خطيئة كبرى..».
لا تخفي مصادر حزبية حليفة لـ»حزب الله» شعورها بالغضب ازاء تسليم رئيس «القوات» مفتاح القصر الجمهوري، وبأن يكون بيده ايصال عون لرئاسة الجمهورية، وهي «تفضل الف مرة اطالة أمد الشغور الرئاسي الى ما شاء الله، من ان يطوب جعجع عراباً لهذا الاستحقاق..» وقد أبلغ الرئيس نبيه بري بذلك، كما أبلغ «حزب الله» وعدد من قيادات «التيار الحر».. هذا عدا ان الحديث عن «الثنائية المارونية» النافذة، لن يكون موضع ترحيب او قبول من أي من القوى والاحزاب السياسية ذات الحضور التاريخي والشعبي الواسع في «المنطقة الشرقية»، خصوصاً وان «القراءات الاستراتيجية» لهذه «الثنائية» ترجح أنها ستصب لاحقاً في حساب «القوات اللبنانية» التي حققت تقدماً على الارض لافتاً وقياسياً في السنوات الماضية على حساب «حزب الكتائب» وستكون الوارث الأكبر للجنرال عون لاحقاً..
الاستحقاق الرئاسي في «الثلاجة» باقٍ الى «أجل غير مسمى»، و«التسوية الوطنية» المطلوبة لانجاز هذا الاستحقاق، تتطلب تنسيقاً بين كل القوى السياسية، وهو وان كان لم ينضج كفاية بعد، فإن «عين التينة» ماتزال تفتح عينيها على كل قريب وبعيد، وتعتمد سياسة «التريث» والتواصل مع الجميع، بهدف انجاز الاستحقاق الرئاسي فلا يكون على حساب أحد لاسيما وان «التسوية الشاملة» لم تقتلع من جذورها بعد واستمرار فرنجية على ترشحه لا يعني بالضرورة ان الحل موقوف على أحد من اثنين: عون وفرنجية.. او «الشغور ثالثهما»..»؟! خصوصاً وان لغة الاعداد تشير الى أنها لن تكون في صالح أي من الاثنين في ظل التوزعات القائمة..