Site icon IMLebanon

عون وجعجع… وأحمد شوقي

بعد ثلاثين سنة من الجفاء والعداء والمواجهات. وبعد مئتين وأربعين يوماً على ولادة «إعلان النيات». وبعد ثلاثمئة وسبعة وسبعين يوماً على الشغور الرئاسي، وأربعٍ وعشرين جلسة نيابية شاغرة. زحلَتْ معراب الى الرابية بفعل الإيمان المسيحي الذي ينقل جبلاً الى جبل.

اللقاء بحدّ ذاته، إنجازٌ ماروني لشعب لبنان العظيم. والسلام العاطل بحدّ ذاته، خيرٌ من الحرب الجيّدة. إنه إجتماع الضدَّين على مدى ثلاث ساعات من الودّ المستجدّ والكلام المباح… فعلامَ اتفقا؟

يطمئننا «إعلان النيات» بأنَّ الإتفاق كان حميماً وحاسماً، وكانت الأفكار شديدة التطابق في التأكيد على الإيمان بلبنان كوطن نهائي، وفي الحفاظ على سيادته وكيانه، والحرص على سلامة أراضيه وحدوده المعترف بها دولياً.

أما السبب الفاضح للخلاف الفادح الذي نشب على مدى الثلاثين من السنين، فقد أغفلته البيانات وبقي طيَّ النيات، وسيبقى شجرة التفاح الماثلة في بعبدا، والتي تشكل مادة إغراء لحواء، وتهدّد آدم بالخروج من الفردوس.

ما دمنا نلامس الروحانيات في التطرّق الى الجنة، وقد زَفَّ العماد عون هذا اللقاء هدية للمسيحيين، فهل نستطيع أن نستوحي به وصية المسيح القائل: «كلما اجتمع اثنان باسمي أكون الثالث بينهما… ومن لا يجمع معي فهو يفرّق؟».

إذا استطاع هذا اللقاء الماروني أن يجمع القوى المسيحية في وحدة متآلفة منفصلة عن تبعية الإلتحاق بالحلفاء الآخرين، فهذه هدية ثمينة تهدى للمسيحيين الأحياء في الأرض والشهداء في السماء.

وإذا استطاع هذا اللقاء أن يشكل رابطاً وفاقياً وطنياً مشتركاً فيما بين المسيحيين وسائر الحلفاء المسلمين، فهذه مأثرة كبرى تسجّل بالذهب في التاريخ الوطني.

وإذا استطاع العماد عون أن يجمع بين حزب القوات وحزب الله، وأن يجمع الدكتور جعجع بين المستقبل والتغيير والإصلاح، فهذه أعجوبة تتحقق في زمن الزندقة السياسية والتكفير الديني، ويستحق أصحابها أن يُطوَّبوا أبراراً على يد بابا روما الى جانب القديسين، إلا إذا كانوا من الذين لا تكرّس عجائبهم إلا بعد الموت.

ولكن، إذا لم تكن الأعمال «بالنيِّات»، وإذا استمرّ الشغور الرئاسي على ما هو عليه، واستمرت المشكلة الرئاسية مارونية – مارونية، كما قال الرئيس نبيه بري للموفد البابوي دومينيك مامبرتي منذ يومين، فلا بدّ إذ ذاك من أن نصف المشكلة المارونية – المارونية بلسان الشاعر أحمد شوقي الذي يخاطب المسيح بقوله:

يا حاملَ الآلام عَنْ هذا الورَى كثُرتْ علينا باسمكَ الآلامُ.