بعد ان وجه رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون دعوته لرئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع لزيارة الرابية، الذي رد عليها بالايجاب، فان المسألة ما زالت في إطار «المجاملات» او «اللياقات» ولم تدخل بعد في البحث لا في مكان اللقاء او جدول اعماله، وان الوسيط الذي كلف نفسه، الوزير السابق رئيس المجلس الماروني العام وديع الخازن، نقل رسائل بين الرجلين، وهو دخل على خط التواصل بينهما كما قال لـ «الديار» لانه رأى من واجباته الوطنية اولا ثم المسيحية عموما والمارونية خصوصا ان يقوم بتقريب وجهات النظر والتأكيد عليهما بضرورة فتح حوار وتبادل اراء امام الاستحقاقات المصيرية التي تتهدد لبنان، ومنها الشغور في رئاسة الجمهورية الذي مضى عليه نحو ستة اشهر دون ان يحصل اي تحرك بشأن اجراء الانتخابات بسبب التعنت في المواقف.
فما قام به الخازن انطلق من حرصه على ان يحصل الاستحقاق الرئاسي وان يكون بارادة المسيحيين كي لا يُفرض عليهم، اذ يشير الخازن الى ان عون وجعجع مرغمان على ان يلتقيا ويتحاورا ويتفقا، للخروج من مأزق انتخابات رئاسة الجمهورية.
فالكرة الان في ملعب عون وجعجع كما يرى الخازن، فهو ربما مع وسطاء اخرين يقومون بما يمليه عليهم ضميرهم الوطني وان ما طلبه من خلال لقاءاته معهما هو الوصول الى اي صيغة بشأن الاستحقاق الرئاسي، وان مهمته انتهت عند التمنيات ونقل ما يريده اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصا، في انتخاب رئيس للجمهورية يمر بالرابية ومعراب كما في بنشعي وبكفيا وايضا بكركي، كي لا يفرض على المسيحيين، ومن هم في مركز القرار بالخارج من الدول التي لها مصالحها ويجب ان ندرس هذا الموضوع جيدا.
فهل سيحصل اللقاء بين عون وجعجع ومتى؟ وقد وافقا عليه علناً، وهل من جدول اعمال، يعد له؟ لا يدخل الخازن في التفاصيل، وهو لا يرى انها من اختصاصه، بل من اختصاص صاحبي الشأن ولديهما قنوات اتصال، وهما لم ينقطعا عن التواصل عبر لجان شكلتها بكركي، او في مجلس النواب، و«ان مهمتي» يقول الخازن «كانت لتحفيز الرجلين على اللقاء والحوار وحل الخلافات لا اكثر ولا اقل، ولم يرتبط تحركي باتجاههما، في اي «اجندة» او رد على حوار «حزب الله» و«تيار المستقبل» الذي نؤيده وندعمه، وما له من انعكاسات ايجابية على منع الفتنة السنية – الشيعية».
فلقاء عون وجعجع ليس رداً على الحوار المرتقب بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، بل هو مطروح دائماً، وسعى اليه البطريرك الماروني بشارة الراعي على حد قول مصادر مسيحية، ونجح في عقد لقاء رباعي للقادة الموارنة،وكاد ان ينجح في مهمته، لكن الاستحقاق الرئاسي عطّل استئناف اللقاءات، بعد محاولات عدة سعت اليها بكركي، لا سيما بعد الشغور الرئاسي، حيث كشفت المصادر المسيحية عن ان البطريرك الراعي مستعد ان يستضيف لقاء يجمع عون وجعجع، ويسره الامر، اذا كان لايجاد حل للفراغ الرئاسي.
وفي موازاة ذلك فان مصادر نيابية في «التيار الوطني الحر»، اكدت ان العماد عون لم يقفل باب الحوار مع اي طرف سياسي، وهو مد يده الى جعجع كما مدها الى الرئيس سعد الحريري، ولديه رغبة في ان يحاور كل من يرغب في رئاسة الجمهورية كما في الجمهورية التي نراها بأنها باتت غير موجودة، وهذا امر جدي ننظر اليه كسبب للبحث في بناء جمهورية وهو هدف اساسي، لا يمكن ان نقفز، لأن اهم من الرئاسة هي الجمهورية، وهو الموضوع الذي طرحه العماد عون للبحث، فالشلل يصيب كل الجمهورية التي بوضعها الحالي، يفتشون لها عن رئىس ليس للجمهورية الواحدة، بل لجمهورية من الجمهوريات.