IMLebanon

عون وجعجع: «شيك مسيحي» بلا رصيد رئاسي

هل يتمّ التوافق على تعطيل جلسة 8 شباط؟

عون وجعجع: «شيك مسيحي» بلا رصيد رئاسي

عندما قطع ميشال عون قالب حلوى الثمانين مع سعد الحريري في بيت الوسط، اقترب من الاعتقاد أن لهذا القالب طعمَه الرئاسي، ولكن سرعان ما تبين أن طعمه كان مرًا، وحطّم الآمال التي زرعها في حقل الحريري، وبالتالي بدلاً من أن تؤسس الشموع التي أطفأها يومذاك، لميلاد عهد رئاسي، أطفأت العلاقة بينهما.

وعندما قطع عون قالب حلوى الترشيح مع سمير جعجع في معراب، أراد أن يُشعر المتابعين للاحتفال بأنه يتذوّق الطعم الرئاسي بنكهة مسيحية صافية.

المشهد في معراب قدّم عون وجعجع متربّعين على عرش «المجتمع المسيحي»، متجاوزين كل الآخرين، حصد جعجع مسيحياً، وقدّم نفسه عراباً رئاسياً. وأما عون فمهما بلغ سقف الكلام والتودّد المتبادل مع جعجع، فمن الطبيعي ألا يصل الى قمة الاطمئنان، لقد سبق أن لُدغ مرة في بيت الوسط، ولا يريد أن يُلدغ مرّة ثانية ويصبح طعم الحلوى في معراب، اشد مرارة ومرورة. وبالتالي لا يكفي عون إقرار خصمه الاول بأنه المسيحي الأوسع تمثيلاً، بل همه الأوحد هو الحصاد الرئاسي. ولكن كيف؟

معبر معراب الى الرئاسة، مهم مسيحياً، لكنه يبقى مجرّد معبر فرعي امام المعابر الإلزامية التي يتوجّب على عون عبورها، لوضع قدمه على سكة الرئاسة. والشرط الأساس هنا، أن يعبرها كلها بسلام وتوافق، لأنّ الفشل في أي منها هو بمثابة الفشل فيها كلها:

– المعبر الأول، سليمان فرنجية، ومحاولة إقناعه بسحب ترشيحه. وهنا تكمن استحالة، خاصة أن فرنجية سارع الى قطع الطريق أمام محاولات إزاحته من طريق الرئاسة، وأعلن أنه مستمرّ بترشيح نفسه.

– الثاني، سعد الحريري ومعه تيار «المستقبل»، وهو معبر صعب، يتسلّح فيه الحريري بقدرته على فرض «الفيتو»، مستنداً الى قاعدتين: الأولى، أنه لم يسبق أن فرض المسيحيون رئيساً على المسلمين. والثانية، ان لا انتخابات رئاسية بمعزل عن المكوّن السني.

أجواء «المستقبل» تؤكد الالتزام النهائي بالمبادرة الباريسية وبترشيح فرنجية. معنى ذلك، يقول مطلعون، إن الحريري، وتأكيداً على التزامه بفرنجية، صار مضطراً لأن يبادر سريعاً إلى إعلان ترشيح فرنجية بشكل علني ورسمي، لأن عدم الترشيح سيفسَّر على أنه اشارة ضعف امام إعلان معراب.

– الثالث، نبيه بري، بما يشكل من معبر سياسي ودستوري لرئاسة الجمهورية. بري يتقصد إظهار أنه لم يُبهَر باحتفال معراب، بل فاجأهم بقوله بأن اتفاق معراب غير كافٍ. واللافت للانتباه أن موقف بري جاء غداة المحاولة العونية الاولى لعبور معبر بري، عبر الزيارة السريعة لجبران باسيل الى عين التينة.

– الرابع، وليد جنبلاط كشريك في طبخ المبادرة الباريسية وفي ترشيح فرنجية. جنبلاط فضل الصمت والمراقبة عن بعد. العبور صعب كما يبدو، يقول مطلعون، والعلاقة تاريخياً بين عون وجنبلاط لم تكن سليمة. ربما لا يشكل عون مرشحاً مقبولاً جنبلاطياً، وبالتالي، والكلام للمطلعين، أقصى ما يمكن أن يصل اليه جنبلاط هو الموافقة على إرضاء عون «وظيفياً» (أو ما يوازي ذلك)، وليس انتخابه رئيساً.

– الخامس، المعبر الإقليمي الدولي، ومحاولة التيقن من وجود «كلمة السر» في الاستحقاق الرئاسي. ولعل نظرة تاريخية تكفي للتأكد من أن الاستحقاقات الرئاسية اللبنانية كلها، قبل الطائف وبعده، لم تكن صناعة لبنانية، بل ما كانت لتتمّ لولا «كلمة سر» إقليمية ودولية تقود الجميع الى مجلس النواب. وطالما أن «كلمة السر» هذه لم تأت بعد، فكل الحراك الرئاسي وما يتحرّك من أفكار ومبادرات، ليست سوى لعب في الوقت الضائع.

هنا، يبرز السؤال عن مصير جلسة الانتخاب في 8 شباط المقبل.

انعقاد الجلسة يصبح طبيعياً أن تحقق اختراقاً من اليوم وحتى موعدها، ولكن إن لم يتحقق هذا الاختراق، فقد يحدث ذلك انقلاباً في المواقف. وبدلاً من أن يصبح انعقاد الجلسة هو المطلب، يصبح عدم انعقادها وإيجاد مخرج لتعطيلها هو المطلب الملحّ، وخصوصاً من قبل الجانب العوني. خاصة أن طريق معراب لا توصل الى بعبدا، وجلّ ما حصل، هو ان جعجع قدم لعون شيكاً مسيحياً.. ولكن بلا رصيد رئاسي، وها هي لغة الأرقام والإحصاءات، لا ترضي عون، بنتائجها المستفزة التي تقدّم فرنجية رئيساً، اذا ما انعقدت الجلسة الرئاسية في ظل المواقف الحالية.

تبعاً لذلك، هناك خشية في قرارة النفس العونية من كمين، يحاول من خلاله تيار «المستقبل»، أو أي طرف سياسي آخر، أن يلعب لعبة الذهاب الى المجلس بأكثر من مرشح رئاسي (عون وفرنجية) تحت عنوان: فلتعقد الجلسة وليفز من يفوز ديموقراطياً.

ما يريده عون هو أن ينزل الى المجلس مرشحاً وحيداً مضموناً فوزه، لأن نزوله في مواجهة رئيس «المردة» معناه وصول فرنجية الى رئاسة الجمهورية، خاصة أن جبهة مؤيّديه من النواب أوسع من جبهة مؤيّدي عون، والتقت على هذه النتيجة كل الإحصاءات التي دار دولابها بعد إعلان معراب.