رغم حماس الوزير نهاد المشنوق للانتخابات البلديات، لكن حسابات حقل المشنوق لا تتوافق مع بيدر العديد من القوى السياسية اللبنانية الفاعلة، وتحديداً الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، وربما الوحيدان الراغبان باجراء الانتخابات البلدية هما الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون لاثبات قدرتهما الشعبية جراء اعتقاد الرجلين انه من خلال تحالفهما يملكان الحيثية الشعبية وقادران عل حصد كل البلديات المسيحية مما يحولهما الى ممرين الزاميين لتحديد اسم رئيس الجمهورية القادم، والتحكم بالحصة المسيحية في الدولة وبان عهد تسمية الحصص المسيحية من قبل الاخرين قد انتهى، وفرض شروطهما على الطاولة وبشكل متوازن.
وحسب المتابعين، ورداً على ما يشاع بان الانتخابات البلدية تحظى بغطاء دولي تشير المعلومات الى ان لبنان ليس في اهتمام الخارج الا من خلال بوابة عرسال فقط والحدود اللبنانية – السورية ودور الخلايا الارهابية وتعزيز الجيش لفرض الاستقرار.
اما الانتخابات الرئاسية والبلدية فهي ليست على بال احد من الديبلوماسيين وتكشف المعلومات بان الديبلوماسيين الاجانب الذين يزورون القيادات السياسية وقيادة الجيش لا يسألون الا عن النشاط الارهابي و«الثغرات» التي يمكن ان ينفذ منها الارهابيون لضرب الاستقرار الداخلي، وتؤكد المعلومات ان مسؤولين لبنانين اكدوا للوفد العسكري الاميركي الذي زار لبنان مؤخراً ان «الخاصرة الرخوة» للبنان تكمن من ناحية حمص، واذا سيطر الارهابيون على «صدد» السورية وتقدموا باتجاه الحدود اللبنانية، فهذا هو الخطر على لبنان، ولذلك فان الجيش السوري يقوم الآن باجراءات لحماية الحدود اللبنانية عبر حماية «صدد» والتقدم باتجاه القريتين، علما ان الجيش السوري وحزب الله افشلا الهجوم الاخير على «صدد»، ولذلك فان محاولات «داعش» للسيطرة على جرود عرسال الهدف منه ربط هذه الجرود بالحدود السورية والقريتين وصولا الى تدمر وبصرى الشام، وبالتالي خلق «دفرسوار» يؤدي الى فصل مواقع الجيش السوري بعضها عن بعض.
وتشير المعلومات، ان الوضع اللبناني دقيق وخطير ومرتبط بالازمة السورية، وان الاشهر الستة القادمة في سوريا مفتوحة على كل الاحتمالات، والمفاوضات في جنيف ستتقدم او تتراجع على وقع الميدان السوري، وهذا ما يفرض استقراراً داخلياً في لبنان، لانه لا يعيش في جزيرة والديبلوماسيون في لبنان يعرفون ذلك، ويعرفون كل «خبايا» و«خفايا» الطبقة السياسية اللبنانية وفسادها وبانها غير مؤهلة لحماية البلد، ولذلك فان التركيز الدولي منصب على دعم الجيش، حتى ان الديبلوماسيين الاجانب يؤكدون ارتياحهم لدور حزب الله في جرود عرسال وتصديه للارهاب مع الجيش اللبناني.
هذه التطورات حسب المتابعين تفرض تأجيلا للانتخابات البلدية ولاي استحقاق داخلي لانه كيف يمكن اجراء الانتخابات البلدية في عرسال وعلى القرى الحدودية مع سوريا. وفي المناطق الحساسة.
هذا على الصعيد الخارجي، اما على الصعيد الداخلي وتوزيع القوى السياسية وحسب المتابعين فان تحالف عون – جعجع ادى الى «نقزة» حقيقية عند رئيس «اللقاء الديموقراطي» وليد جنبلاط من ان يؤدي حصول الانتخابات البلدية الى زيادة الشرخ و«التعصب» في الجبل في حال فاز تحالف عون – جعجع بالانتخابات البلدية في القرى المسيحية، وهذا امر ممكن جدا، حتى ان تحالف عون – جعجع قد يؤدي الى اشكالات في القرى الدرزية – المسيحية المختلطة في الجبل، ولا مصلحة لاحد في ذلك وحسب المتابعين وبعيداً عن جنبلاط، تسأل مصادر متابعة ما مصلحة الرئىسين نبيه بري وسعد الحريري ووليد جنبلاط باجراء الانتخابات البلدية؟ خصوصاً ان فوز عون ـ جعجع بالانتخابات في القرى المسيحية الكبرى والصغرى ستقلب المعادلة السياسية الحالية برمتها، ولا يمكن بعدها لاي كان تجاوز هذه القوة الصاعدة ودخولها «كشريك مضارب» في كل شيء وتوسيع دائرة «القرار» من ثلاثي الى رباعي عبر دخول المسيحيين الى معادلة الطائف ومن الباب الرئيسي ونهاية عصر «التهميش» وبالتالي دخول عون وجعجع الى المعادلة ليس بانقلاب على صيغة الطائف بل «كشركاء» ولا احد عندها يقف بوجههما.
وحسب المتابعين ما مصلحة الرئىس سعد الحريري باجراء الانتخابات البلدية حالياً وتحديداً في بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع، وهذه المدن تفرض صرف موازنات مالية ضخمة، فيما الجميع يعرف الاوضاع المالية للرئىس سعد الحريري، بالاضافة الى اوضاع تيار المستقبل الداخلية، خصوصاً ان الانتخابات البلدية تفرض ماكينة تنظيمية قوية قادرة على اعادة التواصل مع «المفاتيح» والفاعليات ووجود مباشر للرئيس سعد الحريري على الارض، كما ان الحريري سيخوض في طرابلس معركة «قاسية» ضد خصومه السياسيين، ولا احد يستطيع تجاوز الاخصام السياسيين للحريري وفي مقدمهم الرئىس نجيب ميقاتي الذي بات يتحكم بمعادلة طرابلس نتيجة متابعته لامور المدينة بكل تفاصيلها.. والرئيس ميقاتي قادر ايضاً على نسج تحالفات وقادر على حسم معركة طرابلس البلدية. كما ان اوضاع صيدا ليست افضل من اوضاع طرابلس، وبالتالي ما مصلحة الحريري في ظل هذه الظروف من اجراء الانتخابات البلدية.
وحسب المتابعين، فان الوحيدين المرتاحين هما حزب الله وحركة امل وباستطاعتهما نسج تحالفات واشراك الجميع في هذه الانتخابات دون «ضربة كف» وحصد النتائج، وبالاضافة الى الطرفين الشيعيين فهناك عون وجعجع يؤيدان اجراء الانتخابات البلدية، فيما لا مصحلة لتيار المستقبل والاشتراكي بحصولها في هذه الظروف حتى ان عون وجعجع اذا تحالفا مع ميشال معوض في زغرتا تصبح المعركة في المدينة «كسر عضم» بالنسبة للمرشح الرئاسي سليمان فرنجية.
الانتخابات البلدية وحسب المتابعين لها حساباتها الخاصة وتلعب العائلات الدور الاساسي، وربما تكشف «احجام السياسيين» «المصرين» على عدم «المس» بها في ظل الاستحقاقات الكبرى وخصوصاً تيار المستقبل الذي يحاول اظهار انه اللاعب الاول في هذا الاستحقاق ويمسك القرار السني وربما اذا حصلت الانتخابات البلدية تنقلب هذه الصورة وتتبدل الاحجام، علماً ان ظروفاً قد تحدث تفرض اجراء الانتخابات البلدية دون اي معارك وبتوافق شامل من الصعوبة حصوله حالياً، وبالتالي فان مصلحة الاقطاب السياسيين تفرض التأجيل وهذا ما سيحصل.