مرّ «قطوع» الجلسة الأولى لمجلس الوزراء، بعيداً عن كل التشنّجات التي حفلت بها المرحلة الماضية، وأدّت إلى طرح الكثير من التساؤلات حول مستقبل التضامن الحكومي، وذلك خصوصاً بعدما ارتفعت وتيرة الإنتقادات السياسية لمواقف وخطوات قام بها وزراء، وانعكست تجاذبات حادة على المستوى الداخلي.
وفي هذا المجال، فإن مصادر وزارية مطّلعة، أكدت على أن التضامن بين الوزراء، لا يعني انعدام القدرة لدى أي وزير على التعبير عن رأيه، سواء بالنسبة لقضية محلية، أو بالنسبة لقضية إقليمية، وكذلك، فإن لكل مكوّن حكومي يمثّل فريقاً سياسياً معيّناً الحق بالتعبير عن رأيه، بصرف النظر عن التحالفات القائمة ما بين الأطراف المحلية والإقليمية. وفي تقدير المصادر الوزارية، فإن رئيس الحكومة سعد الحريري، قد لعب دوراً بارزاً في احتواء أي توتّر نشأ داخل وخارج طاولة مجلس الوزراء بالأمس، وعمد إلى تحديد خطوط عريضة لكيفية التعاطي مع الملفات على أنواعها، وبشكل خاص الملفات المتعلّقة بمكافحة الفساد من جهة، وبعلاقات لبنان الخارجية من جهة أخرى. وأكدت هذه المصادر، أن النقاش السياسي الذي لم يغب عن جلسة الحكومة الطويلة، لم يتخطَّ الإطار الذي يفرضه التضامن الحكومي، كما أنه لم يؤثّر على النقاش في جدول الأعمال الذي يتضمّن بنوداً عديدة سابقة وحالية، ولا يتحمّل بعضها أي عملية تأجيل، وذلك لمصلحة الإستفاضة في النقاش السياسي فقط. وبالتالي، فإن التوافق المبدئي ما بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة في التركيز على الإنتاجية بعيداً عن أية سجالات وخلافات غير مفيدة، قد شكّل عنصراً ضاغطاً على كل الوزراء من أجل الإبتعاد عن أية خلافات داخل الجلسة، على الرغم من أن الفرصة كانت متاحة لكل وزير للتعبير عن تعليقاته بالنسبة لما سُجّل أخيراً على مستوى العلاقة مع دمشق على خلفية زيارة وزير شؤون النازحين صالح الغريب إلى سوريا.
وأوضحت المصادر الوزارية نفسها، أن السقف المرسوم لأي تباين على طاولة مجلس الوزراء يبقى التضامن أولاً وأخيراً، لأن الحكومة ستكون أمام العديد من الإمتحانات على المستوى السياسي في المرحلة المقبلة، لا سيما بعدما بدأت التطورات الدراماتيكية تتسارع على الساحة السورية، الأمر الذي ينذر بعملية خلط أوراق واسعة على مستوى المنطقة، وبالطبع على المستوى اللبناني، حيث يتأثّر لبنان بشكل مباشر بتقدّم العملية السلمية وباستقرار الوضع الأمني، وذلك، من أجل الإنطلاق في حراك مكثّف للعمل على عودة كل النازحين السوريين من لبنان إلى وطنهم الأم.
واستناداً إلى نتائج الجلسة الحكومية الأولى، قالت المصادر الوزارية نفسها، أن واقعاً جديداً قد تكرّس على مستوى الأداء الحكومي، حيث تتقدّم أولوية التصدي للأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية على ما عداها من عناوين سياسية وأمنية متّصلة بصراعات المحاور الداخلية والإقليمية، وبالتالي، فإن غالبية المكوّنات الحكومية قد اتّخذت خيار «إلى العمل» وليس إلى الخلاف العقيم، ولكن مع ربط النزاع في القضايا الخلافية، كما حصل بالنسبة للعلاقة مع سوريا، ولكن من دون التخلّي عن حق الإنتقاد والرفض لأي تفرّد قد يظهر في المرحلة المقبلة.