Site icon IMLebanon

خلاف عون والحريري كشف عمق الأزمة

تعقيدات المطالب والتطورات الإقليمية تجمد مشاورات التأليف

 

تظهّر الخلاف جلياً بما يتصل بعملية تشكيل الحكومة بعد الانتقادات التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال عون للرئيس المكلف سعد الحريري دون تسميته، في كلمته لمناسبة ذكرى الاستقلال، الأمر الذي أظهر مدى الهوة التي تفصل بين الرجلين حيال النظرة إلى معايير تشكيل الحكومة التي يصر الرئيس الحريري على أن تكون مكونة من اختصاصيين غير حزبيين، في حين يعمل الرئيس عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والحلفاء، على أن تكون سياسية أو بالحد الأدنى تكنوسياسية، خلافاً لما تم التوافق عليه عند التكليف. وهو ما عقّد الأمور أكثر فأكثر، وجعل من الصعوبة بمكان التوافق على تشكيلة تقبل بها المكونات السياسية التي تخوض صراعاً مفتوحاً على المغانم والمكاسب الوزارية، على حساب الدستور والمؤسسات.

 

ولا يبدو بعد بروز الخلافات إلى العلن بين الرئيسين عون والحريري، أن الحكومة الجديدة ستبصر النور في وقت قريب، لا بل أن المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» من مطلعين على أجواء التأليف أن الأمور مجمدة، بانتظار حصول خرق في الجدار المسدود، وإن كان ذلك مستبعداً في المرحلة المقبلة، في ظل تمسك كل طرف بمواقفه. إذ ان مرحلة ما بعد العقوبات على رئيس التيار «العوني» قد أرخت بثقلها وبقوة على عملية التأليف، وبعد الانقلاب الحقيقي الذي حصل من جانب قوى الثامن آذار التي أعادت النظر في كل مطالبها، الأمر الذي وضع عملية التأليف برمتها في وضع بالغ التعقيد، برزت مؤشراته بغياب أي معطى إيجابي بشأن التشكيل، وانقطاع الرئيس المكلف عن زيارة قصر بعبدا، باعتبار أن اللقاءات السابقة مع الرئيس عون لم تفض إلى نتائج إيجابية تساعد على تسريع الولادة الحكومية.

 

ولا تخفي المعلومات، أن الرئيس المكلف بدا مستاء من الانتقادات التي طالته بطريقة غير مباشرة في كلام رئيس الجمهورية الأخير، والذي حاول تحميل الرئيس الحريري مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة، وهو ما تنفيه مصادر الرئيس المكلف التي تؤكد أن المعرقلين معروفون، وهم الذين يريدون الاستجابة لشروطهم، حقائب وأسماء، حتى يفرجوا عن الحكومة، بعدما انقلبوا على كل تعهداتهم في الموافقة على حكومة اختصاصيين غير حزبيين، فيما هم في الحقيقة يواصلون الضغط على الرئيس المكلف من أجل السير بحكومة سياسية على غرار الحكومات السابقة، يكون لهم فيها الثلث المعطل، للإمساك بقرارها، بما يجعلهم قادرين على تعطيلها وشلها في الوقت الذي يريدون، وعندما يرون أن أجندتهم الداخلية والإقليمية تقتضي ذلك.

 

وتشير المعلومات، إلى أن هناك عوامل إقليمية ضاغطة قد زادت من سوداوية المشهد الداخلي، وتركت تداعياتها على مسار التشكيل الذي يمكن القول أنه معطل في الوقت الراهن، ما لم يحدث طارئ من شأنه تحريك المياه الراكدة، وهو أمر مستبعد حالياً، باعتبار أنه ليس هناك رغبة إيرانية صريحة بتسريع تأليف الحكومة، في حمأة الاستنفار مع الولايات المتحدة الأميركية التي أرسلت إشارات عسكرية إلى إيران لا يمكن تجاهلها. وهذا التطور اللافت لا يساعد مطلقاً على تسريع التأليف، في وقت لا يستبعد مراقبون أن تطول مشاورات التأليف حتى نهاية العام، بانتظار تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مسؤولياتها، سيما وأن قوى الممانعة برأي مصادر سياسية ليست مستعجلة على الإفراج عن الحكومة، ما سيطيل عمر المعاناة التي يواجهها اللبنانيون في أخطر مرحلة من تاريخهم.

 

وتكشف المصادر أن الرئيس المكلف لن ينتظر طويلاً، ولن يسمح لهؤلاء المعطلين أن يحققوا مبتغاهم، فهو سيعطي فرصة محددة للمفاوضات الجارية للتأليف، وإلا فإنه سيبادر إلى اتخاذ الموقف المناسب الذي تمليه عليه مصلحة البلد والناس، في إشارة إلى أنه في حال لم يحصل توافق على الحكومة العتيدة، فإنه سيبادر إلى تسليم رئيس الجمهورية لائحة بتشكيلة تلبي طموحاته وتتوافق مع المبادئ التي وضعها للتوليفة الوزارية بعيد تكليفه، بعد التوافق الذي حصل بهذا الخصوص مع رئيس الجمهورية ومع الكتل النيابية في الاستشارات غير الملزمة، قبل أن يحصل الانقلاب ويتغير المشهد كلياً.