عندما تُرمى «أوراق التعطيل» على الجبهات المشتعلة
عون وخصومه يمررون الوقت بانتظار تسوية مفروضة
لن ينسحب النائب العماد ميشال عون من السباق الرئاسي. يمضي متمسكا في ترشيحه مراهنا على أن التطورات قد تحمله الى سدة الرئاسة.
في الطريق الى بعبدا يهادن العماد عون من يمكن أن يشاطره الرأي ويهاجم من لا يتحمس لوصوله. لا يوفّر احدا. فالرئيس السابق ميشال سليمان «مرتبط بالخارج وشكّل واجهة مسيحية لتعطيل التسوية والتعيينات و…». الرئيس سعد الحريري «حاول ان يخلق مشكلة بيننا وبين الرئيس بري عبر مستشاره غطاس خوري و…». الرئيس فؤاد السنيورة «عرقل اتفاقنا مع الحريري…». وزير الدفاع سمير مقبل «لقيط في السياسة وكذب كذبة كبيرة و…». «حزب الكتائب لا يعرف ماذا يريد». ويقول في قائد الجيش والمؤسسة العسكرية التي صنعت تاريخه ما يزعج حتى بعض اقرب الضباط اليه. يحذر من «إيقاظ الشيطان» النائم فيه… ثم يسأل: «لماذا لا يريدونني رئيسا؟».
يسمع عون همسا اميركيا وتسريبات فاتيكانية ونصائح فرنسية مقولبة بألطف الطرق الممكنة ليكون شريكا وناخبا كبيرا، فيجزم أنه «لن يُخدع مرتين، ولن يكون هنالك دوحة ثانية».
يبادله خصومه الجزم بحسم مقابل. يسأل أحد المسؤولين في «تيار المستقبل»: «كيف يمكن أن يذهب عقلاء الى مجلس النواب لينتخبوا شخصا يخوّنهم ويهددهم ويتهمهم صبح مساء أنهم فاسدون وتجب محاكمتهم وسجنهم؟». ويعتبر أن «عون يراهن في هذه الفترة على تداعيات التدخل الروسي في سوريا معتبرا أن حظوظه زادت. فوراءه يقف حزب الله ومن ورائه ايران وخلفهم جميعا روسيا. لكن المؤسف أن العماد عون لم يتعظ ولم يتغيّر. هو اليوم ورقة يحتاجون اليها للتعطيل والضغط، ومتى انتهت صلاحية استخدامها ستترك في مهب رياح التسويات الآتية».
ينفي مسؤول «المستقبل» كل ما يشاع عن «مبادرة روسية لانتخاب رئيس لمدة سنتين يجري التداول فيها»، مؤكدا أن «الكلام كثير، لكنّ احدا لم يفاتحنا بمثل هذا الموضوع. والكلام الجديّ الوحيد والمعبر الصحيح هو الذي يؤدي في النهاية الى انتخاب رئيس للجمهورية كامل الحضور والصلاحية، لتستعيد معه الجمهورية مقوماتها».
تتحفظ «القوات اللبنانية» عن الدخول في اي قراءة لمواقف عون. تحيّده تماما كما حيّدها. تكتفي بالمراقبة فيما يوسّع عون خصومه. وتنفي اوساطها «أي طرح جدي او تسوية ناضجة في الموضوع الرئاسي».
أوساط مسيحيي «14 آذار» الذين يحمّلون عون «مسؤولية افشال اي تسوية وعرقلة انتخاب رئيس للجمهورية بما يتناسب مع مصالح حزب الله وايران»، يعتبرون أن «كل كلام اليوم عن انتخاب رئيس موقت او لفترة محددة يسهم أكثر فأكثر في تهشيم وتهميش الموقع الرئاسي. وهذا ما يقوم به عون منذ فترة، ويدعي في المقابل الحرص على هذا الموقع وتحصينه». ويقول احد النواب إن «منطق عون غير مفهوم. فهو يخاصم نحو نصف المجلس النيابي، ويطلب منه في الوقت نفسه اعتباره المخلص والنزول الى ساحة النجمة لتقديم فروض الطاعة والولاء له وطلب المغفرة، لعلّه يغفر لهم ذنوبهم». ويسأل النائب: «الا يفترض بالعماد عون، الذي بلغ مرحلة متقدمة من العمر تفرض عليه الحكمة، أن يتجنب أقله التهديد بالشياطين الكامنة فيه؟ وهل يمكن أن يكون هنالك اكثر من الشياطين التي اختبرناها في حروبه العبثية التي كانت السبب الاساسي في وصولنا الى ما وصلنا اليه؟».
لا يساعد العماد عون في توسيع صداقاته. فما ان تهدأ جبهة حتى يشعل جبهة أخرى… ثم يرمي أوراق التعطيل على تلك الجبهات المشتعلة.
وفيما يؤكد أحد نواب «تكتل التغيير والاصلاح» أن «ما نتعرض له من استهداف ليس جديدا وهو ضريبة استقامتنا وحرصنا على اعطاء الحقوق لاصحابها»، يتساءل نائب في «المستقبل» عما اذا كان الحرص على الحقوق والاستقامة يعني تعطيل الجمهورية وحصر الطوباوية والقداسة بفريق معين؟».
وهكذا ينتظر اللبنانيون التسوية بين اجترار الكلام وتقطيع الوقت ومحاربة طواحين الهواء، واستيلاد الخصومات