اذا كان لا بد لرئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون، من خطوات تصعيدية ليستعيد حقوق المسيحيين، عليه ان يقنع من يتفاهم معهم على نوعية التصعيد، كي لا تأتي خطواته ناقصة، او كي لا يقال ان المسيحيين الذين معه لا يشكلون ثقلا كفيلا بافهام من يقصدهم انه مؤهل لان يترجم ما يتطلع اليه، طالما ان الكلام الذي صدر عنه وعن صهره الوزير جبران باسيل لا يزال من ضمن المدلولات السياسية؟!
ان كلام الوزير باسيل على الفدرالية لا يشكل مطلبا مسيحيا وليس من في وسعه الاخذ به على الصعيد المسيحي، في ظل استحالة ترجمته سياسيا ومذهبيا واداريا، ان لان الامور ستبقى مقتصرة على نظرة حلول متسرعة، بل غير قادرة على ان توصل المسيحيين الى حقوقهم السياسية اولا، لاسيما ان عون عندما يطالب بحقوق المسيحيين لا يجد الجرأة في نفسه لان يشارك في الانتخابات الرئاسية؟!
من هنا يفهم كلام عون على اساس انه تهويل لا يعول عليه في الشكل ولا في الجوهر، خصوصا ان فيدرالية الوزير باسيل سبق للمسيحيين ان طرحوها في مطلع احداث العام 1975، وظلت بلا ترجمة نظرا لاستحالة العمل بموجبها، ليس لانهم لا يريدون ذلك، بل لانهم كانوا منقسمين على ما اذا كان في وسعهم تحقيقها عمليا، الامر الذي جعل الجميع اقل من ان يؤثروا في مجريات الاحداث، لاسيما ان بعض المسيحيين في قوى 8 اذار اصروا على مدار الايام على ان الفدرالية خطوة انفصالية من المستحيل العمل بموجبها!
كذلك، كان ولا يزال هناك من يرى في الفدرالية حالا شاذة من المستحيل العمل بموجبها لانها من مخلفات الماضي الذي اورث اللبنانيين حربا مدمرة لعدم تفاهمهم مع بعضهم، لاسيما ان من نادى بالفدرالية عاد واكد انه لا يقبل بلبنان اقل من 10452 كلم مربعا، وقد غادر هذه الفانية وهو يكرر مقولته التي اصبحت بمثابة برنامج عمل سياسي. والمقصود هنا هو الرئيس الشهيد بشير الجميل!
واذا كان لا بد تكرارا للعماد ميشال عون من ان يصعد فعليه ان يعلن ذلك صراحة كي لا يقال لاحقا انه يريد الشيء وعكسه، قبل ان تتطور الامور باتجاه مناداة حزب الله بميثاق سياسي جديد يختلف عن كل ما هو قائم، وهذا وارد في حسابات الحزب منذ زمن طويل لا يزال يتستر عليه لاسباب اقليمية من النوع الذي تتحدث عنه المعلومات لجهة المثالثة في الحكم وهذا التوجه يرضي حزب الله الذي يمكن ان يساير الجنرال الحليف في تصعيده على امل الافادة من اي تغيير يطرأ على الساحة السياسية من خلال ميثاق جديد!
ان قول عون انه يعترض على تيار المستقبل يحتاج الى من يبرره لان التيار معترض عليه لعدة اعتبارات في مقدمها انه لا يقبل بغيره رئيسا للجمهورية كما وصل به الامر الى حد اقناع حليفه حزب الله بان لا رئيس سواه، وهذا التوجه من ضمن الماخذ على عون الذي زاد من معدل ارتكابه الاخطاء من غير ان يستوعب مخاطر ذلك على مستقبله الشخصي والسياسي الذي حال دونه وانتخابه رئيسا مقبولا للجمهورية.
ومن الان الى حين معرفة حقيقة ما يرمي اليه عون من وراء تلويحه بالتصعيد، تبدو الامور السياسية عالقة بما اذا كان في وسعه الوصول الى غايته من دون حاجة لتكون رئاسة الجمهورية بما في ذلك تعيين صهره الثاني العميد شامل روكز قائدا للجيش. وفي الحالين ثمة من يجزم بان عون حسم ابعاده الشخصي عن الرئاسة الاولى كما حسم ابعاد صهره العميد عن قيادة الجيش، اي انه قد خسر المعركة السياسية من قبل ان يبدأها، فضلا عن انكشاف اوراق تحالفه مع حزب الله الذي لن يجاريه في تصعيده الا في حال قبض السعر الذي يناسبه (…)
لهذه الاسباب ولغيرها ظهر العماد المتقاعد سياسيا فاشلا في ما يطرحه من تعقيدات في مقدمها الرئاسة الاولى وفي ثانيها تحقيق مصالح المسيحيين الى ان تبين انه افشل من فاشل في كل ما يسعى اليه، من غير حاجة الى ان يتكل على مفاجأة جر البقية الباقية من المسيحيين الى صفه، ومن هؤلاء حزب القوات اللبنانية الذي ناصبه العداء طويلا قبل ان يصل معه الى ورقة تفاهم غير تلك التي حققها مع حزب الله؟!