تتحدث مصادر مسيحية قريبة من حركة الاتصالات القائمة بين رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون ورئىس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عن نقاشات جدية ومعمقة تدور في الاتصالات التي حصلت بين امين سر تكتل التغيير النائب ابراهيم كنعان ومستشار جعجع ملحم رياشي وما تبع ذلك من لقاءات عقدها العماد عون مع رياشي ايضاً، وتوضح المصادر انه لاول مرة منذ فترة طويلة يظهر الفريقان رغبة وجدية في وصول الحوار الى مقاربات مشتركة حول القضايا الخلافية او بعضها على الاقل. وتشير الى وجود اقتراحات وافكار يتقدم بها كل من الطرفين حول المواضيع المطروحة على بساط البحث.
وتضيف ان جدول الاعمال لا يقتصر على ملف رئاسة الجمهورية، بل يتعداه الى مسائل اخرى اساسية تبدأ مما يسمى «حقوق المسيحيين» اي المشاركة المسيحية داخل ادارات الدولة، الى قانون الانتخابات النيابية، مروراً بالصلاحيات خاصة صلاحيات رئىس الجمهورية وصولاً الى الطائف وكيفية التعاطي معه من حيث التطبيق او امكانية طرح بعض التعديلات انطلاقاً من بعض الاقتراحات التي كان تقدم بها العماد عون بدءاً من انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب.
الا ان المصادر ترى انه من السابق لأوانه تحديد ما يمكن ان يتم التوصل اليه من توافقات حول القضايا المطروحة، لكنها تعتقد ان جدية النقاش قد تفضي الى بعض المقاربات المشتركة حول مسائل معينة، وبخاصة ما يتعلق بـ«حقوق المسيحيين» ومسائل اخرى ملحة.
لكن السؤال، يبقى هل يمكن ان يتواصل الحوار بين الفريقين المسيحيين الى توافق مبدئي او متكامل حول ملف رئاسة الجمهورية؟
المصادر المسيحية تشير الى تكتل الفريقين حيال النقاشات حول هذا الملف تحديداً، لكنها تقول:
1ـ المعطيات لدى كل من الجانبين لا تؤشر الى احتمال الوصول الى اتفاق حول انتخابات رئاسة الجمهورية، فالعماد عون يأمل ان يوصل الحوار الى اقناع جعجع بدعم وصوله الى رئاسة الجمهورية في مقابل ضمانات تتعلق بدور «القوات» في المرحلة المقبلة، حتى ان المصادر تقول انه قد لا يمانع في اعطاء تعهد لجعجع بدعم ترشحه لرئاسة الجمهورية في «الولاية الثانية» بينما رئىس «القوات يراهن على اقناع عون بالتخلي عن ترشحه لرئاسة الجمهورية افساحاً في المجال امام البحث عن رئىس توافقي انطلاقاً مما كان اقترحه سابقاً في هذا الاطار، في مقابل استعداده للسير ببعض القضايا المتصلة بحقوق المسيحيين.
وانطلاقاً من ذلك، تستبعد المصادر ان يوصل الحوار الى تفاهم بين الرجلين حول الملف الرئاسي معتبرة ان موافقة سمير جعجع على فتح باب الحوار واسعاً مع العماد عون انما حصل على خلفية الحوار الذي انطلق بين حزب الله وتيار المستقبل، بمعنى انه لو لم تكن هناك موافقة سعودية لما كانت «القوات» وافقت على الدخول في الحوار مع العماد عون.
الا ان مصادر اخرى في امانة 14 آذار تبدو أكثر تشاؤماً حيال ما يمكن ان ينتج من هذا الحوار. وتقول ان «الجنرال» يريد استدراج جعجع الى تحميله المسؤولية عن عرقلة الحوار وبالتالي عرقلة اقرار حقوق المسيحيين والاعتراف بها من الفريق الآخر، وتضيف انه بعد التوافق على بعض البنود المتصلة بهذه الحقوق، سيصطدم الحوار بالخلاف حول مقاربة ملف رئاسة الجمهورية. وعندئذ سيلجأ العماد عون الى اعتبار ان جعجع هو الذي عطل وصول الحوار الى تفاهمات كاملة حول كل البنود، للانطلاق من ذلك الى تحميله مسؤولية تعطيل ما اتفق عليه حول حقوق المسيحيين بدءا من قانون الانتخابات على غرار ما حصل مع القانون الارثوذكسي والتمديد لمجلس النواب.
مهما يكن، فالسؤال الآخر، هل هناك معطيات قد تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية خلال الشهرين او الثلاثة المقبلة كما يتحدث البعض خاصة بعض السفراء في بيروت؟
في تأكيد لمصادر سياسية بارزة ان الحوارات التي تحركت داخلياً في الاسابيع الاخيرة، انما جاءت على خلفية بعض الانفراجات الاقليمية والرهان على حصول انفراجات واسعة في المنطقة خلال الاشهر القليلة المقبلة. وتضيف ان الحوارات الداخلية مرجح لها ان تستمر هي ايضاً خلال الفصل الاول من العام الحالي، وتقول ان هذه الحوارات تحصل بمباركة اقليمية، سواء من جانب رئيس تيار المستقبل سعد الحريري او رئيس حزب القوات سمير جعجع، لكن هذه المباركة الخارجية لم تبلغ حتى اليوم حدود اعطاء الضوء الاخضر للاتفاق على رئيس الجمهورية، سواء من جانب الاميركي او من جانب السعودية.
وترى المصادر ان هذه الحوارات هي تهيئة للساحة الداخلية، حتى اذا حصلت انفراجات اقليمية بدءاً من الوصول الى اتفاق حول الملف النووي الايراني فعندئذ تكون الساحة الداخلية مهيأة للاخراج الذي يرسم حول الملف الرئاسي والحكومة الجديدة. ولذلك، تعتقد المصادر ان «الستاتيكو» الحالي في الساحة اللبنانية سيبقى هو السائد بالتوازي مع الحوار لتهدئة الوضع الداخلي وعدم دفعه باتجاهات سلبية بانتظار ما سيرسمه الرعاة الاقليميين في المنطقة ولبنان.