محركات التأليف توقفت، والرئيسان عون وميقاتي أقتنعا بالموجود وادارا الظهر لبعضهما بعضا حكوميا قبل ٣٠ يوما من دخول البلاد الاستحقاق الرئاسي في اول أيلول، واللقاء الذي جمعهما في عيد الجيش « بروتوكولي» وللصورة فقط، أما لقاء القصر الجمهوري في حضور الرئيس نبيه بري الذي سبق اللقاء الموسع مع هوكشتاين، فبقي في العموميات والتمنيات « ان شاء الله خيرا « مع اعتراف الجميع بصعوبة تذليل العقد، لذلك سيبقى القديم على قدمه وزاريا واداريا وماليا ومعالجة الملفات على «القطعة « مع اعطاء الاولوية لتوقيع الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي وهذا أمر محال في ظل توافق عربي واقليمي على تأجيل كل الملفات للعهد الجديد، وهذا ما كشفه السفير السعودي وليد البخاري لزواره أن « البلاد دخلت في الاستحقاق الرئاسي وهو الاولوية، وكل شئ مؤجل الى ما بعد الانتخابات»، وتحدث البخاري بالعموميات ولم يدخل في لب الاستحقاق ولم يوح بأي أشارة.
لكن مصادر متابعة للتطورات الداخلية حذرت من الاستخفاف بالوضع الاجتماعي مع بدء العام الدراسي في ايلول وموسم الشتاء، وهذا يفرض معالجة جدية لواقع الناس وعدم تجاهل صرخة الجوع والعوز، كما يفرض تفاهمات داخلية بين القوى الاساسية لتمرير الاستحقاق الرئاسي بهدوء لأن التجارب الرئاسية منذ الاستقلال تلازمت مع توترات وثورات كل ٦ سنوات، مع كل رئيس جديد، فالرئيس الراحل بشارة الخوري غادر بعد ثورة بيضاء، وكميل شمعون بثورة ١٩٥٨، وسليمان فرنجية بدخول القوات السورية والياس سركيس بالاجتياح الاسرائيلي وبشير الجميل بالاغتيال وامين الجميل بحرب الالغاء، وكان الاستثناء عهد الياس الهراوي بقوة سوريا وانتخاب اميل لحود الذي انتهى عهده بفراغ لسنتين حتى انتخاب ميشال سليمان باتفاق الدوحة ولم ينتخب ميشال عون الا بعد سنتين مع التسوية الاميركية الايرانية السعودية، لكن السؤال، كيف سينتهي عهد ميشال عون، بفراغ او فوضى او تسوية كبرى، علما ان الرئيس عون اكد أنه سيغادر القصر الجمهوري منتصف ليلة انتهاء ولايته ولن يبقى دقيقة واحدة.
لكن المصادر تحذر من خطورة الاوضاع، لأن نهاية عهد عون تختلف عن سائر العهود بسبب الوضع الداخلي المقسوم حتى العظم، بالاضافة الى الوضع السوري والخلاف الايراني السعودي وتراجع الحضور المصري والعربي والحرب الروسية الاوكرانية التي تركت تداعياتها على العالم، وكل دولة مشغولة بمشاكلها، ولم يعد لبنان اولوية بالنسبة للعرب والعالم، يضاف الى كل ذلك العجز الداخلي في الوصول الى تفاهم على اسم يرضي الجميع مما يجعل انجاز الاستحقاق مرتبطا بتسوية خارجية عربية ايرانية دولية محالة حاليا قبل توقيع الاتفاق النووي، فهل يحتمل الوضع الداخلي فراغا على كل المستويات في ظل اوضاع اقتصادية تجاوزت الخطوط الحمراء ؟ هذا السؤال متروك للقيادات السياسية التي تدرك استحالة انتخاب رئيس للبلاد دون تسوية كبرى .