عكست تركيبة اللجنة الوزارية لصياغة البيان الوزاري خريطة التوازنات السياسية داخل الحكومة، بحيث بدا واضحاً بأن «قوى الممانعـة» ذات الحضور الأوسع، كما دلّ نوعية وزراء هذا المحور الممثلين في هذه اللجنة بأن هذا الفريق غير متهاون فيما يخص خياراته وحساباته.
ولذلك فإن مشاركة «الممانعة» في هذه اللجنة عبر وزراء «محنكين» ومحترفين، كلً في مجاله السياسي والقانوني، وهم محمد فنيش «شباب ورياضة» علي حسن خليل، «المالية» سليم جريصاتي (العدل)، يوسف فنيانوس (الأشغال)، يعني ان هذا الفريق في حالة إستنفار لعدم التفريط بإي من خياراته الإستراتيجية في بعديها الداخلي والإقليمي، ومن بينها، إصراره على قانون إنتخاب نسبي ترجمةً لمقولة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الذي إعتبر ان المدخل الإصلاحي للدولة يكمن في إعتماد هذه الصيغة لتمثيل صحيح.
لكن في الوقت ذاته، لن يكون رئيس الحكومة سعد الحريري والى جانبه «الصقر المجروح» الوزير مروان حمادة، اقل تصلباً في دفاعهم عن خريطة طريق عمل الحكومة، والى جانبهم وزير القوات اللبنانية بيار أبي عاصي، خصوصا أن الطابع السياسي المباشر للمواجهة هي بين محور الممانعة والمحور المقابل أي قوى 14 آذار «المستسلمة» الذين يجمعون على معارضة حزب الله، كلً وفق حساباته وقدراته.
فالحريري حسب المراقبين ينطلق من قاعدة إعتبار الحكومة الأولى في عهدالرئيس ميشال عون محطة تأسيسية لمرحلة مقبلة تمكنه أن يستدرك أي محاولات إلتفاف أو إنقلابات عليه، بعدما كوّن رؤية إستباقية لعدم إمكانية إستعادة ما حصل معه. وإن كان البيان الوزاري الذي ستعده اللجنة سيــحمل روحية خطاب القسم ويشكل إمتداداً للحكومة السابقة على قاعدة أن التحديات الأساسية لحكومة الحريري تكمن في إنعاش الوضع الإقتصادي وإعداد قانون إنتخابي متطور تلبيةً لعدة مطالب، ولاسيما من قبل الرئيس عون الذي يتكامل مع نصر الله في رؤيته الى قانون نسبي.
الاً ان إجتياز المواضيع المتفجرة للبيان الوزاري بين تياري المستقبل وحزب الله التي يتم التحاور حولها في عين التينة ذات الترابط الإقليمي، بعد ان باتت بورصة هذا التقارب او التباعد مؤشراً لعجلة الحياة السياسية في لبنان في موازاة عمل المؤسسات والسلطات التشريعية والتنفيذية وحتى الرئاسية منه، لا يعني عدم وجود ألغام جانبية أشد وطأة في تأثيراتها على الداخل وتوازناته.
وفي هذا الإطار باتت صيغة قانون الإنتخاب تتحكم بموعد إجراء هذا الإستحقاق الحكومي وطول عمر الحكومة بحيث يمكن أن تمتد لتكون حكومة نصف العهد «أو ثلثه» لأن القانون النسبي يتطلب تحضيرات ذات تقنية وإدارية وتأهيل المواطنين، بما يفرض مرحلة وافية، تدفع لإجراء هذا الإستحقاق وهذه الإنتخابات والتمديد مجدداً لمجلس النواب الحالي وهو ما يرفضه رئيس الجمهورية.
وفي ظل هذا الواقع، تدخل البلاد منذ اليوم مرحلة الضياع الإنتخابي، بحيث اما إجراء إنتخابات على وقع القانون الحالي، بارجائها، وهذا ما أضاء عليه وزير الداخلية نهاد المشنوق بقوله أنه إذا تم قرار قانون إنتخاب جديد ستؤجل الإنتخابات النيابية تقنياً، بحيث أن مقولة المشنوق، بأنه «لا يفتى وعون في الرابية، وبعدها في بعبدا» باتت تنسحب عليه حالياً، بحيث «لا يفتى» في واقع إنتخابي بوجود المشنوق في الداخلية، أي ان رئيس مجلس الامن المركزي ذاته الذي تعهد بإجراء الا نتخابات البلدية في موعدها، لا يتردد في مصارحة القوى السياسية واللبنانيين، ولا سيما نواة المطالبة بقانون جديد، بانهم سيكونون امام موعد جديد وهو غير المحدد حالياً لإجراء الإنتخابات في وقتها.
إذ عند هذه النقطة تكمن تحديات كافة القوى السياسية، في مزاوجتها، بين إقرار قانون عصري يلحظ النسبية او الحفاظ على القانون الحالي، وفي شتى الحالتين، رئيس الجمهورية يرفض التمديد، و«يلعن» القانون الحالي، الذي يعتبره مجحفاً بحق المسيحيين بنوع خاص واللبنانيين عامة ولا يؤمن لهم تمثيلاً صحيحاً.
عدا ان القانون الحالي لا يؤدي الى تفسيخ الكتل السياسية كالمستقبل واللقاء الديموقراطي وينعش حصة فريق الممانعة.