اعلان الرئيس سعد الحريري، تأييده الرسمي لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، جاء بعد تأخير دام نحو اكثر من عامين، وكان انتخابه اسهل بكثير مما هو عليه في هذه المرحلة، التي ستضع مرشحاً آخر النائب سليمان فرنجية الذي ايده الحريري ايضاً وانقلب عليه، في مواجهة عون، اضافة الى رفض الرئيس نبيه بري انتخاب عون وتأييده لفرنجية، وذهابه الى المعارضة وعدم مشاركته في الحكومة المقبلة.
فالتأييد الذي حصل عليه عون، من رئيس «تيار المستقبل»، على قاعدة انه يرفض ان يُنتخب من دون موافقة المكوّن الابرز في الطائفة السنية، فأنه يدخل المعركة الانتخابية الرئاسية، بمعارضة اخرى لانتخابه، حيث كان عون يسعى الى شبه اجماع حوله فلم ينجح، تقول مصادر نيابية، اذ كان يتطلع الى ان يكون المرشح الوحيد، فلم يقبل ان ينافس رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عندما ترشح، حيث كان في هذه الفترة يحاور الحريري الذي لم يحظَ على موافقة سعودية في تأييد عون، فانسحب من الحوار، ليفتح آخر مع فرنجية وايده، على امل ان يلقى تأييد «حزب الله» الذي تمسّك بترشيح عون، الذي عاد الحريري وتبنى ترشيحه، واختلطت الاوراق من جديد.
فبعد ترشيح الحريري لعون، فان المواجهة ستكون بينه وبين فرنجية، الذي يؤكد انه سيبقى مرشحاً حتى آخر لحظة لو نال صوته فقط، فكيف اذا كان الرئيس بري يؤيده، ونواب من كتل اخرى، بما يضعف رئيس «تكتل الاصلاح والتغيير»، تقول المصادر، الذي سيفوز باكثرية نيابية، لكنه سيخرج من مجلس النواب الى القصر الجمهوري، رئيساً من دون شبه اجماع، الا اذا استطاعت الاتصالات التي سيقوم بها «حزب الله» في تذليل العقبات من امامه، عبر ايجاد تفاهم بين عون وكل من بري وفرنجية. وتشير المصادر الى ان عدم حصول ذلك، فان عون سيبدأ عهده بمعارضة تستطيع ان تؤثر عليه، فلن تتشكل حكومة العهد الاولى التي يسعى الحريري ان يترأسها بسهولة، اذا ما تضامن «حزب الله» مع بري ولم يشارك فيها.
لذلك ستنشط الاتصالات مع بري، لتبديد هواجسه، من ان صفقة حصلت بين العماد عون والحريري، على ان يكون هذا الثنائي هو من يمسك بالسلطة، حيث يرفض رئيس حركة «امل» ان لا يكون في صلبها، باستعادة «الترويكا» التي نشطت في عهد الرئيس الياس الهراوي، وغابت مع عهد الرئيس اميل لحود، الذي كان خلافه مع الثنائي بري ورفيق الحريري، واقصاهما في اول عهده، وقد اتهمهما بالتسبب بالفساد واهدار مال الدولة مع النائب وليد جنبلاط، تقول المصادر التي تشير الى ان عون اذا ضمن مشاركة «حزب الله» في الحكومة، فلا يعنيه وجود وزراء لحركة «امل» فيها، لانه بذلك يكون تشكل حُكم من قوى تعمل «للاصلاح والتغيير»، وان عون لا يحمل الحريري مسؤولية المرحلة التي حكم فيها والده، واُهدر المال العام فيها، لان لبنان كان يخضع للنفوذ السوري، الذي كان الثلاثي السوري المؤلف من عبد الحليم خدام وحكمت الشهابي وغازي كنعان، يدير الملف اللبناني لصالح ثلاثي لبناني هو: بري والحريري الاب وجنبلاط، وان الفرصة متاحة ليقوم حكم متجانس قوامه عون والحريري و«حزب الله» لانتاج سلطة نظيفة وقيام دولة فيها مؤسسات تعمل لضرب الفساد، وتأمين احتياجات المواطنين وخدماتهم.
ان هذا السيناريو تحاول المصادر ان ترسمه والذي سيظهر مع انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، واجراء الانتخابات النيابية، بعد اشهر، التي ستفرز مجلس نواب جديداً، وفق القانون الذي ستجري على اساسه، وهو الذي سيقرر شكل الحكومة المقبلة.