IMLebanon

عون في صدارة المشهد السياسي: تلك هي حسابات الربح والخسارة…

سارع السياسي الوسطي الى القول لصديقه النائب العوني المتحمس بعدما بادره بالسؤال “علامَ كنتم ستتكلمون لولا حديثكم عن الجنرال؟”: “معك حق. لا يزال الجنرال عون منذ مدة شغل الناس الشاغل، ليس لأنه يطرح مطالب وطنية تعني اللبنانيين، بل لأن كل ما قاله ويقوله في الفترة الاخيرة خصوصا، يصب في مكانين: الاول عرقلة عمل المؤسسات الدستورية، مجلس الوزراء بعد مجلس النواب وقبل كل شيء المساهمة المباشرة بتعطيل الانتخابات الرئاسية. والثاني، اقتصار كلامه على العموميات ضمن عنوان برّاق يدغدغ مشاعر جزء من فئة من اللبنانيين وهو “حقوق المسيحيين”، في حين ان هذا العنوان غالبا ما ينقلب شخصيا وعائليا ويتحول مطلباً او مطلبين محدودين جدا… ونحن اللبنانيين غير ملزمين تحمّل وزر تلك المطالب كلما كان هناك مأزق داخلي عند الجنرال”!

وبالفعل، تصدّر رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون المشهد السياسي في الاسابيع الماضية ولا يزال. ولكن في حسابات الربح والخسارة يمكن القول انه سجّل في فترة قياسية اكثر من “فاول” سياسي شكّل صدمة لخصومه ومنتقدي سياسته، ولا سيما من خلال الحملة الصادمة التي شنها على قائد الجيش العماد جان قهوجي بلهجة تهديدية تحذيرية كانت بمثابة سابقة لم يألفها اللبنانيون في تاريخ تعامل السياسيين مع الجيش حتى في أسوأ أيام الفلتان والانقسام: “إياك يا جان قهوجي ان تنزل الجيش في وجهنا”!

يذكّر وزير مستقل العماد عون، وهو القائد السابق للجيش بأن قائد الجيش ينفذ قرارا سياسيا ليس هو مَن يتخذه، بل مجلس الوزراء. ويرى أن عون أسدى “خدمة عثمليّة” للعماد قهوجي، فهو من جهة لم يؤثر في داعمي التمديد له (تأجيل التسريح) بسبب عدم التفاهم على تعيين قائد جديد، ومن جهة أخرى لم يكن متناغما مع الموقف التقليدي لـ”التيار الوطني الحر” الذي يترأسه، والمؤيد دائما للجيش. لم يكن سهلا على مؤيدي الجنرال هضم هجومه على قائد الجيش بالاسم وبلهجة تهكّمية شكلت اساءة الى المؤسسة العسكرية التي خرج منها الى السياسة ولها الفضل الكبير عليه معنويا وسياسيا وماديا. كما أن هذا الهجوم زاد شعبية الجنرال قهوجي ووضعه في موقع الهدف، مما جعل خصوم عون يقفون الى جانب قهوجي بالاضافة الى أن عون من حيث لا يدري وضع قائد الجيش في موقع المرشح الجدي جدا لرئاسة الجمهورية.

وأما من حيث التوقيت، فيرى سياسيون، وبعضهم من حلفاء “الجنرال”، انه لم يكن موفقا في موعد حملته المتعددة الاتجاه، ويقول أحدهم: “ها هو ينتظر انتهاء زيارة وزير خارجية ايران وخطابا للأمين العام لـ”حزب الله” ليبني على الشيء مقتضاه”!

واذا كان عون تمكن من تحييد شريكه في اعلان النيات سمير جعجع عن عرقلة خطة سيره منذ توقيع “الاعلان”، فانه حصد مواقف حادة من “حليف الحليف” الرئيس نبيه بري الذي تحدث بلغة مختلفة هذه المرة! إذ قال في حديث لصحيفة “الأهرام” المصرية مخاطبا عون: “كيف تطلب انتخابك رئيسا من مجلس تشكك في شرعيته؟!”.

ولم يعد سرا ان الحليف الآخر سليمان فرنجيه غير راض عن أداء “الجنرال”. وأقل ما نقل عن اوساطه في الايام الماضية كان من عيار: “نحن حلفاء صحيح، ولكننا لسنا أتباعا لأحد، وأية خطوة يجب التشاور في شأنها بين الحلفاء فكيف اذا كانت في حجم دعوة الناس الى النزول الى الشارع، وفي هذه الظروف؟”.

ومن خارج الاصطفاف يبن 8 و14 آذار، يرى سياسي مستقل ان “ما يحصل ليس مصادفة محض. من تعطيل الانتخابات الرئاسية، الى تعطيل مجلس النواب الى محاولات مستميتة لتعطيل مجلس الوزراء وصولا الى حملة مركزة على قيادة الجيش، يتأكد يوما بعد يوم ان ثمة مخططا يستهدف الوطن برمته”. ويلفت الى أن “المرحلة تتطلب منا جميعا مواكبة التطورات المتسارعة في المنطقة، فهناك مشاريع حل، علينا ان نكون محصّنين لكي لا تأتي على حسابنا”، ويرى ان “الحرب الوحشية الدائرة في سوريا استنفدت على ما يبدو أهدافها او كادت، ونحن معنيون بوقف هذه الحرب اليوم قبل غد”، ويلاحظ ان نسبة 43 في المئة من المناطق المقترحة آمنة، قريبة من حدودنا ومنها جاء معظم النازحين السوريين الموجودين عندنا”.

وفي السياق، يذكّر وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس بأن “هبات من جهات متعددة بقيمة 750 مليون دولار في انتظار “نعم” من مجلس الوزراء. وثمة مبالغ أكبر من البنك الدولي والصندوق العربي للتنمية والصندوق الكويتي للتنمية، تبقى معطلة مع تعطيل مجلس الوزراء. فهل هذا هو المطلوب؟”، ويلفت درباس الى أن “الحملة الاخيرة على قرارات مجلس الوزراء بشأن القيادات العسكرية غير مبررة على الاطلاق” والى ان “تأجيل التسريح لا يحول دون تعيين قائد للجيش في أي وقت، وهذا ما يصبح متيسرا بالتأكيد فور انتخاب رئيس للجمهورية”…