بات من الصعوبة بمكان تشكيل حكومة في غضون الأيام المتبقية من عهد الرئيس ميشال عون، إلاّ في حال نجحت المساعي التي لا زالت مستمرة من قبل الذين لا زالوا يتولون هذه المهمة. ويُنقل وفق المعلومات الموثوقة، أن لقاءات حصلت بين الموفدين وكلّ من الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي ورئيس “التيّار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، في وقت نقل عن ميقاتي بأنه لا زال على موقفه القاضي بعدم تقديم أي هدية مجانية لباسيل في ما تبقّى من أيام معدودة لرئيس الجمهورية في قصر بعبدا، و”حيث تشكيلة الـ 24 وزيراً التي قدّمتها للرئيس عون منذ أكثر من شهر لا زالت صالحة، وهي مثالية من خلال الأسماء المشهود لها بنظافة الكفّ والخبرة والكفاءة”.
وتسأل مصادر مقربة من ميقاتي لماذا لم يقبل رئيس الجمهورية هذه الصيغة ؟ وهل رئيس “التيار الوطني الحر” يريد هو أن يسمي الوزراء، وليس المسيحيين فحسب، بل حتى سواهم من بعض الطوائف؟ وتؤكد المصادر ان التعطيل يتحمّله من رفض هذه التشكيلة وكل الصيغ التي طرحت، ورئيس حكومة تصريف الاعمال لن يستدرج لأي سجالات كما كانت الحال مع النائب باسيل أمس الأول، والذي يسعى لاكتساب شعبوية بفعل مواقف لا تمتّ إلى الحقائق ولكلّ ما جرى بصلة.
في السياق، تشير مصادر على بيّنة ممّا حصل أو يمكن أن يحدث في المرحلة المقبلة، أنه وحتى انتهاء ولاية الرئيس عون، تبقى كل الإحتمالات واردة من أجل تشكيل حكومة، مع أن هذه المسألة ستأتي ضمن “معجزة”، أو في حال كان هناك ضغوط تفوق ما سُجّل في المرحلة الماضية، عندئذِ قد يُفرَج عن هذه الحكومة، ولكن مسألة تشكيلها بات أمراً مستبعداً. وتنقل المصادر أن من يلتقي بالمواكبين والمتابعين عن قرب، إن على خطّ السراي أو بعبدا، يؤكدون صعوبة حصول أي خرق في هذه الظروف.
وثمة معطيات تقول بأن فريق عمل سياسي وإعلامي أصبح جاهزاً لدى الرئيس عون ليخوض معاركه السياسية من الرابية، وينقل أيضاً بأنه سيلقي كلمة بعد انتهاء ولايته يحمّل فيها الطبقة السياسية مسؤولية عدم تمكّن العهد من إجراء إصلاحات، أي أنه سيرمي كرة الفشل عند الآخرين، وهذا أمر متوقّع، ولكن ما يتمّ التداول به أن رئيس الجمهورية سيكون قاسياً في مواقفه من قصره الجديد، إذ سيشنّ حملات ستطال الكثيرين، وفي طليعتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وسواهما، مما يعيق ويفرمل المساعي الجارية لانتخاب رئيس للجمهورية، في ظلّ التصعيد الذي ستكون سقوفه عالية.
وفي الإطار عينه، تلفت المصادر المقربة من ميقاتي إلى أن قدرة “التيار الوطني الحر” ومؤسّسه لا تسمح بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، لا سيما إلى حقبة الثمانينات يوم كان عون رئيساً للحكومة للإنتقالية، وما بعد ذلك عند عودته من المنفى إلى الرابية، أي قبل انتخابه رئيساً للجمهورية، وذلك لجملة اعتبارات: أولها أن شعبية “التيار” لم تعد كما كانت عليه، بدليل ما أفرزته الإنتخابات النيابية الأخيرة، وتحديداً على المستوى المسيحي، وبالتالي، فإن حلفاءه لا يمكنهم السير بسياساته الحالية كي لا يتحمّلوا من جديد نتائج تغطيتهم لوزراء “التيار”، لا سيما في قطاع الكهرباء والإتصالات وغيرهم، إضافة إلى أن البلد اليوم من دون دولة ومؤسّسات ويعيش حالة إفلاس حقيقة على كافة الأصعدة، والناس في ظروف صعبة وقاسية ولا تتحمّل أية هزات سياسية وأمنية، أي العودة إلى الشارع والإحتكاكات والإشكالات.
من هنا، فإن محاولات الرئيس عون وباسيل لبقائهما في دائرة الأضواء ومكامن القوة قد تبدّلت معطياتها، أضف إلى عامل آخر يتمثّل بحديث في الصالونات العونية عن حراك للمعارضة العونية، أو خروج لبعض النواب من تكتّل “لبنان القوي”، وهذه تعتبر بمثابة إنتفاضة داخلية، مما يُفقد الرئيس عون وباسيل زخمهما، وعدم قدرتهما على الإمساك بـ “التيار” والشارع المسيحي كما كانت الحال في السابق، وصولاً إلى أن وجود الرئيس عون خارج قصر بعبدا، له دوره الأساسي في إضعاف التيار بعدما يغطي تعطيل التأليف وتشكيل الحكومات من أجل باسيل والإتيان بأكبر عدد من المحازبين البرتقاليين.