هل تفتح زيارة وزير خارجية الكويت كوَّة في الجدار المسدود؟
لا شيء يدفع اللبنانيين لتوقع أن يكون العام الجديد، أفضل حالاً من الذي سبقه، بعد كل هذه الانهيارات التي يحملها معه الـ2022 من سلفه، وهم في أتون لهيب سياسي وانهيار اقتصادي، طال كل شيء في البلد، بحيث أنه لم يعد بمقدورهم المواجهة ولو بالحد الأدنى. إذ ليس هناك ما يدعو للتفاؤل على جميع الأصعدة، بعدما أغرق المسؤولون البلد بالفساد والإفساد، وقضوا على كل ما تبقى من ركائز دولة ومؤسسات. وفي وقت يعاني لبنان من عزلة عربية ودولية قاتلة، وخلفت تداعيات خطيرة لن يكون بإمكان اللبنانيين تحمل تبعاتها.
ولم يترك فرقاء الطبقة السياسية المتحكمون بالناس في هذا البلد، أي مجال للتهدئة في مطلع العام الجديد، فاستكملوا حروبهم الطائفية ضد بعضهم لحساب مصالحهم الفئوية الضيقة، على حساب وجع اللبنانيين وافتقادهم إلى أدنى مقومات الحياة اليومية. وفيما يتوقع أن يشتد الكباش السياسي بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، على خلفية الكثير من الملفات السياسية والاقتصادية والقضائية، وهو ما ترجم بالمواجهة النارية بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، في أعقاب تبادل الاتهامات بالفساد والسرقات والتعطيل بين النائب جبران باسيل والنائب على حسن خليل، الأمر الذي من شأنه أن يزيد الأزمة الداخلية تعقيداً، ويضع الملف الحكومي في مهب الريح، بانتظار عودة الرئيس نجيب ميقاتي من إجازة الأعياد، لمعرفة الاتجاه الذي ستسلكه الأمور، حيث أن هناك مخاوف جدية على الوضع الحكومي، بعدما أصبحت كل الاحتمالات واردة.
وإذا كان الرئيس عون، ما زال على موقفه بالنسبة لضرورة انعقاد طاولة الحوار، فإن تساؤلات تطرح لدى القيادات السياسية عن جدى ذلك، في ظل ما تبقى من ولاية العهد، فيما كان يفترض أن يبادر الرئيس عون إلى استعجال الحوار منذ بداية عهده، وتحديداً ما يتصل بالاستراتيجية الدفاعية، انطلاقاً من إعلان بعبدا الذي جرى التوافق بشأنه في الـ2012. ثم أنه كيف تدعو الرئاسة الأولى إلى هكذا حوار، في حين أن هناك من يعطل جلسات الحكومة، حتى تحقيق شروطه في إقالة المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار. وهذا ما دفع أوساط قريبة من بكركي إلى التأكيد على أن «الاستمرار في تعطيل الحكومة وشل عملها، بمثابة الإمعان في إسقاط لبنان في أتون الجحيم وتدمير ما بقي من مؤسسات»، بينما رأى البطريرك بشارة الراعي أنّ «كل حوار صادق يقتضي الثقة بين المتحاورين»، مشيراً إلى أن «الحوار يعني أن نصغي إلى بعضنا البعض ونناقش الأمور سوياً ونتفق مع بعضها ونسير معاً».
وفي الوقت الذي لم يعمد المسؤولون الرسميون إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات، لوصل ما انقطع مع الدول الخليجية الأربع، كان لافتاً كلام العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي أكد «حرص المملكة ووقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق»، داعياً «جميع القيادات اللبنانية إلى تغليب مصالح شعبها في المقام الأول، وإلى إيقاف هيمنة حزب الله على الدولة»، وهو ما رأت فيه أوساط مراقبة بأنه يعكس «تصعيداً في حدة الموقف السعودي الرسمي والشعبي من ممارسات حزب الله ضد المملكة والدول الخليجية»، والتي حذرت في الوقت نفسه من «تداعيات خطرة على لبنان، جراء مواقف خادم الحرمين الشريفين، والتي جاءت بمثابة إنذار للمسؤولين اللبنانيين، بضرورة تصحيح الوضع قبل فوات الأوان».
في المقابل، وفي تطور هو الأول من نوعه منذ اندلاع الأزمة بين لبنان والدول الخليجية الأربع، نهاية تشرين الأول الماضي، يزور بيروت هذا الشهر، وزير خارجية الكويت، أحمد ناصر المحمد الصباح الذي أجرى اتصالين بكل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب، قدم خلالهما التهنئة بمناسبة العام الميلادي الجديد، وجرى الاتفاق على أن يزور الصباح العاصمة اللبنانية الشهر الجاري».
ولفتت أوساط مراقبة، إلى أن «زيارة وزير الخارجية الكويتية إلى لبنان، تأكيد اهتمام بلاده بالوضع في لبنان، بالنظر إلى عمق الروابط التي تجمع البلدين، وهي مؤشر ملموس على وقوف الكويت الدائم إلى جانب لبنان، وسعيها إلى إخراجه من أزماته»، معربة عن اعتقادها أن هذه الزيارة قد تساعد على إحداث خرق في الجدار اللبناني الخليجي الذي لا يزال مسدوداً حتى الآن». لكن في الوقت نفسه، فإن الأوساط شددت على أن لبنان مطالب بخطوات لا بد من القيام بها، لإعادة الثقة بينه وبين الدول الخليجية».