IMLebanon

الخلاف بين عون وبري وصل الى ابيدجان

 

توسّع الخلاف بين بعبدا وعين التينة على خلفية توقيع مرسوم الأقدمية لضبّاط دورة 1994 الى خارج دائرة لبنان ليشمل اللبنانيين المغتربين في أبيدجان- ساحل العاج، وليؤثّر سلباً حتى في العلاقات الأخوية السائدة فيما بينهم في دول الإنتشار الأفريقي بعيداً عن التشنّجات بين الأحزاب السياسية والنعرات الطائفية التي لا تزال تسود في هذا البلد.

وتُهدّد مقاطعة أكثرية الجالية اللبنانية في ساحل العاج التي يفوق عددها مئة ألف مغترب وغالبيتهم من الطائفة الشيعية ومن الجنوب تحديداً (70 في المئة شيعة و30 في المئة من المسيحيين والطوائف الأخرى) على ما تقول مصادر عاجية متابعة، بفشل مؤتمر الطاقة الإغترابية الإقليمي الثاني لدول أفريقيا الذي يُعقد في 2 و3 شباط المقبل في أبيدجان بدعوة من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل. وتأتي هذه المقاطعة، بحسب المعلومات، على خلفية الخلاف القائم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، واحتجاجاً على هجوم بعض المسؤولين في «التيّار الوطني الحرّ» على برّي، وعلى سعي الوزير باسيل، من جهة ثانية، لإلغاء مديرية المغتربين التي تدخل ضمن هيكلية النظام الداخلي للوزارة.

ورغم أصداء المقاطعة التي وصلت باكراً الى مسامع باسيل، تقول أوساطه إنّه يصرّ على إقامة المؤتمر كما هو مقرّر، إذ يجري التحضير له منذ العام الماضي، كما على القيام بالتالي بالجولة الأفريقية على بعض دول الجوار التي تستمر لثلاثة أيّام وتشمل سيراليون بالدرجة الأولى (وقد غادرت رئيسة دائرة الصحافة في الخارجية السفيرة نجلا رياشي يوم أمس اليها للإشراف على التحضيرات لهذه الزيارة). وقد يزور باسيل طوغو، بينين، وليبيريا إذ لا تزال التعديلات على برنامج الجولة تجري حتى الساعة.

وسبق الوزير باسيل الى أبيدجان منذ نحو الأسبوعين، على ما أكّدت الأوساط نفسها، وفد ديبلوماسي من الوزارة لاستكمال التحضيرات للمؤتمر الى جانب طاقم السفارة فيها الذي أُعلم أساساً بمقاطعة عدد كبير من رجال الأعمال الشيعة. ويقوم الوفد وطاقم السفارة بتكثيف الدعوات لعدم تعريض المؤتمر للفشل سيما أنّ الشيعة الذين يلتزمون بتمنيات «حركة أمل» هم كثر في ساحل العاج. ويُخشى كثيراً من تكرار ما حصل عندما قاطع الشيعة المؤتمر الأول للطاقة الإغترابية الذي عُقد في جوهانسبرغ (العاصمة الإقتصادية لجنوب أفريقيا) في 2 شباط من العام الماضي  بسبب الخلاف الذي نشأ آنذاك بين الوزير باسيل ومدير عام المغتربين آنذاك هيثم جمعة الذي أحيل أخيراً الى التقاعد.

كما تتخوّف المصادر العاجية من أن تنعكس المقاطعة، إذا ما حصلت، بعد المؤتمر على العلاقة بين أبناء الجالية اللبنانية ككلّ، كما على العلاقة بين رجال الأعمال المنضوين في غرفة التجارة والصناعة اللبنانية في ساحل العاج التي تضمّ لبنانيين من مختلف الطوائف والأحزاب والتيّارات، ولكنهم بأكثريتهم من الطائفة الشيعية (من مناصري «حركة أمل» و»حزب الله»)، فيما رئيس الغرفة هو الدكتور جوزف خوري مسيحي ولا يُمكنه الضغط على الشيعة المحسوبين على الحركة لحثّهم على عدم المقاطعة.

كذلك فإنّ اللبنانيين في ساحل العاج ينتظرون عقد هذا المؤتمر من أجل قيام المزيد من المشاريع الإستثمارية والإقتصادية فيما بينهم، كما مع الوطن الأم، ولهذا لا يريدون تفويت الفرصة سدى. ولهذا، فإنّ قرار المقاطعة لا يزال يتأرجح في صفوف بعض المدعوين من الطائفة الشيعية.

في المقابل، أكّد مصدر قيادي في «حركة أمل» أنّه سمع الكثير من الكلام حول هذا الموضوع، موضحاً أنّ «أمل» لا تقف في وجه أي شيء يحصل من أجل مصلحة لبنان واللبنانيين، متسائلاً: «أليس الوزير باسيل لبنانياً»؟ ثمّ إذا شارك اللبنانيون في مؤتمر الطاقة الإغترابية أم لم يُشاركوا بماذا سيؤثّر ذلك في «حركة أمل».

وإذ نفى حصول أي إيعاز من الرئيس برّي لشيعة ساحل العاج بمقاطعة المؤتمر، ذكّر بكلام برّي الذي قاله إثر حراك الوزير باسيل في الخارج من أجل حثّ المغتربين على التسجيل المسبق للإنتخاب، إذ كان أول من قال له «يعطيك العافية». لكن للأسف فإنّ اللبنانيين غالباً ما يستيقظون متأخّرين، فالذين تسجّلوا لم يصل عددهم الى 94 ألف مغترب. وأوضح أنّه لم يعد هناك من إمكانية لتمديد مهلة التسجيل سيما بعد إقفال باب التسجيل لأنّ مثل هذا الأمر يفتح المجال أمام شهية مسؤولين آخرين لطلب تعديلات أخرى.

وشدّد المصدر في امل على أنّ «همّ المغتربين هو الهمّ الأول بالنسبة للرئيس برّي أو للرئيس عون أو للوزير باسيل، فكلّ منهم خلال جولاته الخارجية يتحدّث عن الهمّ الاغترابي سيما أنّ كلّ منهم معني بهذا الأمر». ووصف الخلاف الذي حصل سابقاً بين الوزير باسيل وجمعة بأنّه «خلاف إداري يجري بين كلّ المديرين العامّين والوزراء»، مشيراً الى «أنّ مسألة إلغاء مديرية المغتربين يجب أن تمرّ في المجالس، وإنّ أي هيكلية لأي وزارة لا يُمكن للوزير أن يبدّلّها بحسب مزاجه، ولهذا فليس علينا استعجال الأمور والبناء على الخراب بل القيام بكلّ ما هو لخير هذا البلد». ودعا الى عدم تسخيف الأمور لأنّها لا تحصل على هذا النحو، مذكّراً بأنّ الخلافات تعود الى أيام الجامعة الثقافية اللبنانية في العالم من دون التمكّن من إصلاح ذات البين رغم كلّ المحاولات من جميع الأطراف سيما أنّ كلّ طرف يهتمّ لمصالحه الخارجية