يقال في معرض تأكيد أهلية العماد ميشال عون تسلم رئاسة الجمهورية أنه مجرب أكثر من اللازم، من لحظة تسلمه الحكومة العسكرية في أعقاب حكم الرئيس أمين الجميل أواخر الثمانينات. كما يقال إنه لولا مناهضته الاحتلال السوري لما كان السوريون قد ساعدوا على اسقاطه في انقلاب عسكري انتهى به الى الفرار الى فرنسا لاجئاً سياسياً، أخذ معه أركان حكومته العسكرية، فيما انتهت تلك المرحلة بسجن «صديقه اللدود» قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في أبشع أقبية وزارة الدفاع، ولولا نظرة التعاطف الى الأخير لما كان قد بقي على قيد الحياة الى يومنا هذا؟!
وللصدفة، التقى عون وجعجع في تنافس حاد على من يسبق من الى بعبدا في عملية محمومة قسمت اللبنانيين بين 14 آذار بزعامة الرئيس سعد الحريري، وبين 8 آذار بقيادة حزب الله، الذي لايزال يراهن على عون على أساس ورقة التفاهم التي وقعاها ويستمران في العمل بموجبها على رغم ما حفلت به من مآخذ عونية على السوريين أمكن للحزب جعلها ورقة تصلح لأن يستخدمها عون في صراعه السياسي المستمر منذ الرابع عشر من شباط العام 2005؟؟
وفي مقابل كل ما تقدم بالنسبة الى ترشيح النائب سليمان فرنجية، فقد جاء من يقول ان حزب الله لم يبارك للرجل، لأنه (الحزب) يتطلع الى سلة مطلبية متكاملة تتخطى عودة الرئيس سعد الحريري الى السلطة التنفيذية كي لا تتكرر ظروف رئاسة فؤاد السنيورة للحكومة وما حصل تلك الآونة من سجالات تخطت حدود التفاهم على طريقة السير بالحكم، أضف الى ذلك ان تمسك الحزب بالعماد ميشال عون عائد الى معرفته بأن أي رئيس حكومة يأتي معه لن ينقلب على حزب الله مهما اختلفت الاعتبارات الاقليمية المرشحة لأن تتغير قياساً على ما يمكن ان يطرأ بالنسبة الى الحرب السورية و«عودة الروح» الى نظام بشار الاسد بحسب مزاعم بعض الحلفاء؟!
من هنا تبدو حظوظ فرنجية في الرئاسة أقل من المرجو، طالما أنه غير مؤهل لأن يلعب مجموعة أوراق سياسية دفعة واحدة بعكس ما يمكن للجنرال القيام به، من ضمن ما سبق له ان تعهد به لحزب الله ولم يخرج عنه، ورب قائل ان محاولات السعودية احياء مبادرة الرئيس سعد الحريري لم تعد قادرة على خرق التفاهم القائم بين الحزب وعون لجهة ما يحدث من دون انقلاب عون على مواقفه كما هناك من يجزم بأن سلة المطالب تصب في مصلحة الجنرال الذي لديه وجهة نظر خصوصاً بالنسبة الى طريق عمل رئيس الجمهورية!
هذه النظرة قد تنطبق على عون شخصياً لكنها لا تنسجم مع سواه بمن فيهم سليمان فرنجية غير القادر على المناورة، قبل ان تتضح له صورة الحكم وما اذا كان بوسعه التحكم بمجلس الوزراء، من غير ان يتأثر بمجريات من هم مع قوى 14 آذار بمن فيهم من قد يتغير ليصبح مع 8 آذار سعيا وراء مصالح خاصة والعكس صحيح طالما بقيت الأمور على ما هي عليه من دلالات لا تشجع حزب الله على احداث تغيير جذري في تحالفاته؟!
أما القول ان الهدف من مبادرة سعد الحريري احداث شرخ في العلاقة بين حزب الله وقوى 8 آذار، فالمقصود منه ابعاد الشبهة عن أي سياسي يمكن ان يسقط في عملية اثبات الوجود، كما سبق وحصل مع الرئيس نجيب ميقاتي الذي وجد نفسه في صراع مصالح مع بعض أركان قوى 8 آذار ومن بينهم حزب الله الذي لم يكن ليتخلى عنه لولا بعض الهفوات في «سلطة الأمر الواقع»!
وازاء كل ما تقدم تبدو خيارات تخلي حزب الله عن العماد ميشال عون صعبة للغاية الى حد استحالة تغيير موقفه مفضلاً استمرار الأزمة الرئاسية الى وقت طويل، أضف الى ذلك ان الفراغ الرئاسي لم يطور الحالات سلبية، حيث بات يقال ان البلد برئيس او من دون رئيس لا يغير شيئاً في مجريات عمل السلطة، خصوصاً ان دور الحكومة يقع من ضمن مؤسسات غير قادرة على تغيير شيء نحو الأفضل، كما يجمع على ذلك أولئك الذين يتطلعون الى انجاز قانون انتخابات نيابية قبل البحث عن رئيس جمهورية!
يبقى القول ان الرئاسة التي اقترحها سعد الحريري على النائب فرنجية قد تخطت قدرات الأخير على التحكم بمواقف من يعتبرون أنفسهم في صف واحد مع حزب الله والعماد عون؟!