IMLebanon

رهانات عون الخاطئة؟!

فيما يجمع المراقبون على أن التمديد للمجلس النيابي قد حمى المؤسسات، ثمة من لا يزال يعتقد العكس ليس لأنه ضد التمديد فقط، بل لأنه يرى أن من الأفضل له حصول فراغ في السلطة التشريعية يوازي الفراغ في رئاسة الجمهورية، ومن ثم تعليق مشاركته في مجلس الوزراء تبقى واردة في حال اراد ان تضيع البلاد في متاهة اللاسلطة واللامؤسسات، والمقصود في هذا المجال هم جماعة التيار الوطني التي بدت وكأنها تفضل كل شيء طالما أن «رئيسها لن يترك الساحة لمن يخرب لبنان» مع العلم أن تصرفه العشوائي هو الذي يجسد أبرز عناوين اللعب بالأصول.

يقول أحد نواب التيار الوطني ان موقفهم هو «رفض الأسس التي بني عليها لبنان، لاسيما إن لبنان إكتسب ميزة تداول السلطة وتكرار الإنتخابات حيث يجدد الشعب ممثليه في السلطة»، فيما يرى النائب المشار اليه فلسفته الآنفة أن ما حصل أفقد لبنان الميزة المشار اليها، من غير حاجة الى سؤاله عما منعه من تقديم اقتراح قانون للإنتخابات النيابية، في الوقت الذي يشكل غيابه عن جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية السبب المباشر الذي يمنع مجلس النواب من أن ينتخب رئيساً (…)

واللافت في موقف التيار الوطني انه يريد الشيء وعكسه، بدليل اعلانه ان «الجنرال مستمر في ترشحه للرئاسة الأولى، من دون حاجة الى سؤال عون وقواه السياسية والنيابية الضاربة «كيف يجوز له الإستمرار في الترشح في الوقت الذي يسهم في تطيير النصاب، أي انه يريد منصب الرئيس «هدية امر واقع»، ومن دون شروط بما في ذلك شرط نزوله الى مجلس النواب، ومشاركته في جلسات الإنتخاب (…)

وعما إذا كان  «الجنرال» يعتبر التمديد مناورة لابعاده عن رئاسة الجمهورية، تقول أوساطه ان «العملية تختلف عن الرئاسة لكنها تصب في الخانة نفسها»، ما يعني أيضاً بالنسبة الى عون «ضرورة محافظة التيار على مواقعه النيابية والوزارية التي تؤمن الطريق الصحيح للحصول على التمثيل الشعبي الصحيح، بحسب ما طرحه التيار الوطني يوم إقترح «تعديل الدستور لانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب على مرتين»، وهذه المناشدة ضربت عرض الحائط ليس لأن «الجنرال» قد طرحها، بل  لأن غيره وجدها مؤامرة للعب بالدستور وبالأصول وبالأعراف لتجنب وجود سلطة صحيحةلا لبس فيها؟!

وأكثر ما يثير السخرية هو قول «التيار» ان عون مستمر بالترشح للرئاسة من غير حاجة الى أن ينزل الى مجلس النواب، كما أكد التيار «ان ترشح الجنرال محسوم لأن الهدف هو تصحيح الخلل في العملية الدستورية الوطنية»، الى  حد الإجماع على القول ان الأمور لن تستقيم طالما بقي عون بعيداً من قصر بعبدا، الى حد «القول التياري ايضاً» ان  مقاطعة انتخابات مجلس النواب تهدف الى تجنب سلب ارادة الناس وتزويرها!

وفي مقابل هذه «الغوغائية السياسية الملتبسة» يبقى هناك من يجزم في قوله «ان الإتهامات المتبادلة لا تطعم  خبزاً» لاسيما ان ثمة حاجة ملحة ووحيدة يحتاجها لبنان للخروج من الفراغ ومن التمديد لمجلس النواب وتعطيل الحياة السياسية يكمن في إنتخاب رئيس للجمهورية، وقد قالها رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع صراحة في نداء له الى كل من هم ضد الفراغ والى كل من يريد خيراً لهذا البلد أن ينزل الى المجلس النيابي اليوم قبل الغد لننتخب رئيساً فيسقط التمديد ونتجنب الفراغ وتبدأ الحياة السياسية في لبنان بالإستقامة»!

ولأن عون، يريد رئاسة جمهورية على طريقته الخاصة وبوسائله الملتوية، فإن الأمور ستبقى على ما هي عليه، حيث يتكرس التمديد لمجلس النواب وتنتفي الحاجة الى إنتخاب رئيس جمهورية، ويستمر مجلس الوزراء «وكيل رئيس» ومن بعد كل ما يراه عون ولا يراه مجرد لعبة سياسية فظة تبقى البلاد بعيدة من الأصول والرئاسة المؤسساتية.

إن التيار الوطني الفاقد حريته وقراره السياسي لايزال يقامر ويراهن على اللعب بمصير لبنان والجمهورية والوجود المسيحي مقابل وظيفة رئاسية أكبر من أن تكون في حجمه، كونها تجر البلاد الى ما قد يؤدي الى الدمار بما في ذلك تحويل المسيحيين الى ما هم عليه من عدم وجود سياسي ومعنوي في كل من سوريا والعراق «حيث قرارهم مقموع ورأيهم غير مسموع» بحسب ما قاله رئيس حركة التغيير إيلي محفوض!

يبقى سؤال، هل يقبل العماد المتقاعد ميشال عون بانتخابه رئيسا للجمهورية من قبل مجلس نيابي يعتبره غير ميثاقي وغير دستوري؟ وهذا ما ليس فيه أي دليل سياسي على أن «الجنرال» يراهن على حاضره ومستقبله في وقت رهانه على الوجود المسيحي في لبنان؟!