IMLebanon

عون قاطِع كلّ الطرق

الى الآن لم ينبرِ أحد من الأطراف المسيحيين المفترض بهم مواجهة مشروع العماد ميشال عون القديم الجديد، إلّا منسق الأمانة العامة لقوى «14 آذار» الدكتور فارس سعيد، الذي أبلغ إلى عون عبر جهات أمنية أنّ قطع الطرق في جبيل لن يمرّ.

باستثناء سعيد لم يصدر أيّ موقف عن الآخرين سواءٌ الوزراء المسيحيين في الحكومة، أم القوى التي لم تشارك وفي طليعتها «القوات اللبنانية»، التي تبدو في حال انتظار لما سيقوم به حلفاؤها خصوصاً منهم المشاركون في الحكومة.

يبدو عون وكأنه يلعب في ربع الساعة الأخير، فالتوازنات ليست لمصلحته، وتحالفه مع «حزب الله» لم يؤمّن له الغطاء المطلوب للتحرك. فالحزب يؤيّده علناً، ويعطي الرئيس نبيه برّي ضمناً الضوء الأخضر لمواجهته، ومع ذلك يستمر في الحشد والتحضير ليوم يشبه 23 كانون الثاني 2007، ولكن من دون مشاركة حلفائه، ويذهب البعض الى توقع عدم وصول الامور الى تحرّك عوني شبيه بذاك اليوم، أيْ عدم زج شباب التيار المتحمّسين، لقطع الطرق في المناطق المسيحية وعلى مداخل بيروت.

أكثر من جهة استطلعت موقف الجنرال تعتقد أنّه لن يذهب في مغامرته الى الحدّ الاقصى، كما تعتقد أنّه يمارس ضغطاً لإيجاد مخرج تقول المعلومات إنّ الرئيس برّي يعمل على ترتيبه، فيما يستمر عون في التهديد بعدم القبول بالطائف والدستور، والتلويح بطلب المؤتمر التأسيسي والفدرالية، وهو تلويح تكتيكي لنيل مكاسب عائلية.

لكن وفي موازاة هذا الصمت المسيحي عمّا يقوم به الجنرال، يسجّل أنه وللمرة الاولى يقوم عون بهذا التحرك في مواجهة المؤسسة العسكرية وما تمثل، فهذه المؤسسة التي برهنت عن تماسك حيث ترابض على الحدود الشمالية والشرقية وتخوض المعارك في وجه المسلّحين، وتؤمّن الاستقرار وتنفيذ القرارات الدولية في الجنوب، وتحمي استقرار الداخل، تجد نفسها تتعرّض لحملة من طرف مسيحي طالما بنى شرعيته عبر استعمال «البدلة العسكرية» والدفاع عنها، وفي ذلك مفارقة لافتة تضَع عون في تماس سلبي مع «حزب الله» الذي يقاتل في سوريا، والذي لا يريد فتح معركة من هذا النوع مع الجيش وقائده.

من هنا تستبعد مصادر مطّلعة أن يذهب عون الى التصعيد الكامل اذا ما فشلت كلّ المبادرات والمخارج، فهذا التصعيد سيكون موجَّهاً ضدّ الجيش، وأيّ قطع للطرق سيُعتبر مسّاً بهيبته، وتشير المصادر الى أنّ قراراً اتُخذ على مستوى المؤسسة العسكرية، يقضي بمنع أيّ محاولة لقطع الطرق، وبحماية أيّ تحرّك سلميّ آخر سواءٌ اندرج ضمن خانة الاعتصام او التجمّع السلمي.

في محاولة ربع الساعة الأخير، يستمرّ عون في قطع كلّ الطرق والجسور، فما بناه في الاشهر الماضية من تهدئة مع تيار «المستقبل» عاد وهدمه في مقدمة أخبار تلفزيونية واحدة، حيث وصف الحريرية بـ»الداعشية»، فيما كان لا يزال حتى الأمس القريب مراهناً على تحوّل في موقف الرئيس سعد الحريري من طموحه الرئاسي.

يراهن عون على تحييده لـ»القوات اللبنانية» من المعركة، وهذا الرهان نجح نسبياً، لكن لا يتوقع أن يصمد «إعلان النوايا» في حال ذهب عون الى التصعيد الكامل، فهو بهذه الحال سيحشر «القوات اللبنانية» في الزاوية، وسيرغمها على تغيير موقفها، خصوصاً إذا ما غامر بزَجّ تياره في قطع الطرق على الأوتوستراد الساحلي، عندها ستجد «القوات» نفسها في حلّ من الالتزام بأيّ تفاهم، فيما عون ينفّذ سياسة إمساك الشارع، وابتزاز الجميع بخطوات مغامرة لا يمكن لأيّ طرف مسيحي القبول بها أو السكوت عنها.

لكلّ هذه الاعتبارات، سوف يلجأ عون اذا فشلت المفاوضات الى تحرّك متدرج على شكل جسّ النبض، لكنّ هذا التحرك سيبقى يتيماً ولا يمكن ترجمته بنيل مطالب محدَّدة، طالما أنه لا يحظى بغطاء الحلفاء.