Site icon IMLebanon

عون يُطلق معركته الرئاسية من «بوّابة» التعيينات

المواقف التي يعلنها رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل لا يرتاح لها الحلفاء ولا الخصوم، لكنها تعبّر عن شيء واحد هو انّ عون قرّر خوض معركة انتخابات رئاسة الجمهورية في هذه المرحلة على طريقته من دون انتظار «التوافق» الاقليمي ـ الدولي الموعود.

ويقول متابعون للموقف العوني انّ عون يستند في خوضه معركته الرئاسية الى قراءات أجراها للوضعين الداخلي والاقليمي مشفوعة بمواقف الحلفاء المؤيّدين لترشيحه، وفي مقدمهم حزب الله، خصوصاً أنه خرج من لقائه الأخير مع الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله مرتاحاً الى ما أطلعه عليه من معطيات عن مستقبل الاوضاع الاقليمية وعلى مستوى تأييد الحزب الثابت لترشيحه الى رئاسة الجمهورية.

وينتظر أن ينطلق عون في معركته الرئاسية من بوّابة التعيينات في المواقع القيادية العسكرية والامنية، حيث انه سيصرّ بقوة على إجراء هذه التعيينات معارضاً التمديد للقيادات التي تشغلها حالياً، والتي ستنتهي ولاياتها الممددة تباعاً بدءاً من حزيران وحتى ايلول المقبلين.

فعون لن يقبل بالتمديد لهذه القيادات لحسابات رئاسية، أولاً لأنه يعتقد انّ بينها من قد ينافسه في السباق الى قصر بعبدا، وثانياً لأنه يريد تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش قبل ان يلحق هذا الاخير في رُكب المتقاعدين من الخدمة في آب المقبل.

سيضغط عون بشدة في ملف التعيينات في مجلس الوزراء في الوقت الذي ينقسم موقف الافرقاء السياسيين الحلفاء والخصوم إزاء هذا الملف بين مؤيّد وبين داع الى التمديد مجدداً للقيادات التي تشغلها حالياً لئلّا يحصل أيّ خلل في عمل القوات المسلحة لضبط الامن ومكافحة الارهاب في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان ويتلقّى يومياً تداعيات الأزمة السورية وغيرها من الأزمات التي تعصف بالمنطقة العربية.

لكنّ هذا الضغط لن يدفع عون الى تعطيل عمل مجلس الوزراء ولا التشريع في مجلس النواب، ولا حتى انتخاب رئيس للجمهورية أولاً، لأنه يعرف أنه لا يمكنه ان يكسب سياسياً من خطوات من هذا النوع في زمن الشغور الرئاسي، فأيّ تعطيل للسلطة التنفيذية ممثلة بمجلس الوزراء الذي يتولى صلاحيات رئاسة الجمهورية الى حين انتخاب الرئيس الجديد، سيرتدّ سلباً على عون، وسيقلّل أمامه أيّ فرصة لانتخابه رئيساً للجمهورية لأنّ تيار «المستقبل» أو أيّ فريق آخر يمكن أن يغيّر رأيه إيجاباً إزاءه، قد يُحجم عن هذا التغيير.

على أنّ هؤلاء المتابعين للموقف العوني يؤكدون انّ عون لا يمكنه ان يذهب بعيداً في هذا الموقف الاعتراضي الى حد تعطيل البلاد، وانّ تهديدات باسيل بأنه لن تكون هناك رئاسة جمهورية ومجلس نواب وحكومة ما لم يكن «التيار الوطني الحر» ممثلاً فيها التمثيل الذي يليق بحجمه، هي تهديدات لا تعدو محاولات للضغط في إطار المعركة الرئاسية، حتى ولو اضطرّه الأمر الى «تطييف» المواقع العسكرية والامنية عبر «تنسيبها» الى الرئاسات الثلاث وجَعل كلّ منها حكراً لطائفة.

فباسيل، وقبله عون، يعرف انّ نصاب المجلس مؤمّن لأيّ جلسة تشريعية وانّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يراعي موقف التيار ووزنه بذريعة «الميثاقية»، ولكن ليس هناك ايّ شيء يلزمه بها اذا فرضت ظروف البلاد عقد هذه الجلسة من الآن وحتى نهاية الشهر الجاري حيث ينتهي العقد التشريعي الأوّل للمجلس، إذ هناك مشاريع قوانين ملحّة وحيوية ينبغي إقرارها وإلّا قد ترتّب على الدولة خسائر قد يكون منها خسارته قرضاً يفوق الـ600 مليون دولار قدّمه صندوق النقد الدولي للبنان لجَرّ مياه الشرب لبيروت من نبع بسري، ويغطي هذا القرض استملاكات الاراضي التي سيشملها المشروع.

ويعرف عون وباسيل ايضاً انّ جلسات مجلس الوزراء لا يمكن ان يتعَطّل نصابها التقريري إذا قاطعها وزراء التيار. وقيل في هذا السياق انّ قيادة حزب الله لا تؤيّد أي مقاطعة لجلسات مجلس الوزراء لأنها تعتبر انّ مثل هذه الخطوة غير ذي جدوى في ظل الشغور الرئاسي لأنّ المطلوب ان تستمر الحكومة في تحمّل مسؤوليتها الى حين انتخاب رئيس جمهورية جديد.

ولا يجوز إحداث فراغ حكومي الى جانب الفراغ الرئاسي وتعطيل التشريع في مجلس النواب الذي «لا يمكن لأحد أن يعطّله أو أن يسقط الكيان اللبناني»، على حدّ قول بري قبل يومين.

غالب الظن لدى كثيرين انّ تصعيد عون المرتقب على الجبهات الرئاسية والنيابية والحكومية، قد يحرّك مياه الاستحقاق الرئاسي الراكدة بفِعل الانتظارات بين قمة كمب ديفيد الاميركية ـ الخليجية وما يمكن ان تسفر عنها بالنسبة الى مستقبل الاوضاع في المنطقة وبين الاتفاق النووي النهائي المقرّر الشهر المقبل بين الدول الغربية والجمهورية الاسلامية الايرانية، وما ستكون له من انعكاسات وتداعيات على العلاقات بين طهران وجيرانها في الخليج.