Site icon IMLebanon

عون لا يستطيع ان يمحو صورة بري «المتواطىء»

باستثناء التسوية التي يجول بها اللواء عباس ابراهيم محاولاً اقناع الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط بما قبل به العماد ميشال عون الذي خرج منهزماً من معركة التعيينات الامنية بفوز اخصامه السياسيين والقرار الإقليمي الذي اسقط قرار التعيينات «بالباراشوت»، فان هذه التسوية برفع سن التقاعد للضباط في المؤسسة العسكرية تكاد تكون الخيط الوحيد المتبقي بين عين التينة والرابية، وفي كل الاحوال سواء فشلت او نجحت فان الجنرال عون لا يمكن كما تقول اوساط سياسية ان يمحو صورة بري المتواطئ في المعركة ضده من قبل الاخصام والقوى الإقليمية التي تضافرت كلها لضربه في استحقاق الرئاسة اولاً ومن ثم في معركة التعيينات الامنية .ولعل السؤال اللغز الذي لا يمكن تفسيره بعد مرور بضعة ايام على معركة التعيينات هو نفسه في عدم فهم موقف رئيس المجلس الذي بدا اقرب الى اعداء عون والى نهج المستقبل والمختارة في مقارعته في الملف الامني منه الى حزب الله، كما بدا بري اقرب الى تمام سلام منه الى الرابية. والسؤال المحير نفسه تضاف اليه تساؤلات متعددة حول موقع عون على الساحة، فهل بات رئيس تكتل الاصلاح والتغيير ضعيفاً الى هذا الحد وغير قادر على ان يكون رئيساً للجمهورية رغم حجمه التمثيلي الكبير ومشاركاً في القرار السياسي لتسمية القادة الامنيين؟ وهل قرأ بري هذه التطورات وبات يطلب التمايز في هذه المرحلة في بعض الملفات؟ وهل لديه مقاربة مختلفة لما بعد الاتفاق النووي؟ من الواضح ان السر والجواب لدى رئيس المجلس ولكن المؤكد والواضح ان موقف عين التينة لا يجد تفسيراً عملياً له في حارة حريك وجواباً شافياً للرابية من ترددات تساؤلات، والمؤكد ايضاً ان ما حصل غير منسق مع الحارة وإلا كيف يمكن فهم الرسالة الوجدانية والعاطفية و«الشكر الخاص» من الرابية الى حزب الله لدوره في حماية المسيحيين.

ما بين الرئيس بري وعون اليوم وما حصل على خلفية التمديد لرئيس الاركان وقائد الجيش والذي بدا فيه رئيس المجلس طرفاً مناكفاً لعون وصديقاً أقرب لرئيس الحكومة يدل على ان ما بين عين التينة نار حت الرماد لم تنطفىء منذ معركة التمديد الثاني للمجلس النيابي، والمعارضة والانتقادات والحملة السياسية اللاذعة التي قام بها زعيم الرابية والتي يحفظها له بري حتى ساعة الحساب . يقود بري في الظاهر المعلن شعار حماية البلاد من الفراغ وفي الظاهر المستتر ثمة عنوان هو مناكفة عون برئيس الحكومة الذي يبدو انه بات اقرب الى عين التينة وانه افضل رؤساء الحكومات على الاطلاق كما يراه رئيس المجلس.

تراقب الرابية حركة عين التينة بدقة فائقة في معركة الدفاع عن الحكومة ورئيسها التي يخوضها رئيس المجلس ضد التصعيد العوني وبتوجيه الرسائل العابرة للقارات الى الرابية الى حد اتهام عون بانه يريد الرئاسة وان يصار الى انتخابه من مجلس لا يعترف بشرعيته . هذه الحملة التي لا يمكن فهم اسرار توقيتها واهدافها على الرابية في الوقت الذي يحتاج فيه عون الى كل الدعم من حلفائه الصادقين معه في معركة التمديد وحتى الحلفاء الافتراضيين كرئيس المجلس لا يمكن تفسيرها إلا بانها تصفية حساب من جهة وخلافات عميقة في الرؤية السياسية حيال ملفات كثيرة.

بالطبع هي ليست المرة الاولى ولن تكون كذلك بين الرابية وعين التينة ، فرئيس المجلس يحفظ الكثير للرابية من معركة التمديد الثاني للمجلس و كل الاعتراضات والانتقادات التي رافقت قبول القوى السياسية بالتمديد الثاني لولاية المجلس لسنتين وسبعة اشهر، فبري اعتبر التمديد للمجلس من اجل المصلحة العليا للدولة ولو اقتضى تمديداً لثلاثين سنة اخرى ، في حين وصلت معارضة الرابية الى حد الطعن الدستوري بالمجلس وولايته لدى التيار الوطني الحر. والواقع ان ما جرى بين الرابية وعين التينة ما قبل وبعد جلسة التمديد وما يجري اليوم بعد التعيينات الامنية لقائد الجيش ورئيس الاركان لا يخضع لتفسيرات وتأويلات كثيرة، فلا احد يفهم من أخطأ بحق الآخر رئيس المجلس ام رئيس تكتل الاصلاح والتغيير، ولماذا يحصل ما يحصل دائماً بين رئيس المجلس ورئيس تكتل الاصلاح والتغيير، فثمة من يقول نقلاً عن رئيس المجلس ان زعيم الرابية لا يفي بالتزاماته وان همه الوحيد الوصول الى الرئاسة، وثمة من يؤكد نقلاً عن الرابية ان حليف الحليف هو اقرب في معارك الرابية الى المحور الآخر الذي يشن المعارك على الرابية. الواضح ان التمديد الثاني للمجلس ظهَر وقائع الاختلاف السياسي العميق بين عين التينة والرابية ، وسلط الضوء مرة اخرى على التباين السياسي بينهما. يقول العارفون في ما جرى على خط التمديد ان عون كان يتمنى في غمرة البحث عن مخارج لاقرار التمديد ان يتم سؤاله عن مرحلة ما بعد التمديد او ان يتم التعويض عن التمديد بقانون للانتخابات او بمخرج للمأزق الرئاسي ، او باتفاق يعوض التمديد، وهذا الموضوع لم يحصل بل تم العمل على خط التمديد بإخراج الرابية وعدم الاكتراث لها بعد تأمين الغطاء المسيحي للتمديد من القوات ومسيحيي 14 آذار و المردة. وبالنسبة الى الرابية كان لا بد من التعويض في الشارع المسيحي، فألأهم عدم خسارة الرأي العام المسيحي بموازاة تضييع كرسي الرئاسة، وهذا ما يعمل عليه عون اليوم ايضاً في معركة مجلس الوزراء، فالخسارة المسيحية لعون لا تعوض باي ثمن ولطالما سعت الرابية الى عدم اغضاب الجمهور المسيحي والتفريط بمشاعره وحيثياته ، وهذا ما كسبته الرابية في معركة القانون الارثوذكسي وفي التمديدين الاول والثاني وبعد تقديم الطعن الدستوري.. السؤال بعد ان وقع الخلاف الكبير هل سيبادر حزب الله الى لعب دور الإطفائي لنار المعركة ويحاول تبريد الاجواء الحامية . فالعلاقة مع حليف الحليف تختلف عن ما يجمع الرابية بحارة حريك، وفي مطلق الاحوال فان عون لم يكن ولا مرة المرشح الرئاسي المفضل لعين التينة ولن يكون ابداً.