لا شيء يؤشر إلى أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح سيفرج عن البلد، فلا مواقفه على طاولة الحوار من ملف انتخاب رئيس الجمهورية كان ايجابياً بالقدر الذي يفتح ولو ثغرة صغيرة، ينفذ منها المتحاورون إلى الغاية المرجوة، وهي الاتفاق على الإسراع في طي الملف، لأن ذلك يسهل عليهم مهمة الاتفاق على باقي الملفات من تفعيل عمل الحكومة لتسيير شؤون المواطنين المعطلة، إلى تفعيل عمل مجلس النواب لإقرار قانون جديد للانتخابات يُشكّل مدخلاً لإعادة تكوين السلطة، وفي ذات الوقت يهدئ من غضب الشارع الذي كفر بالطبقة السياسية الحاكمة، واوصلت الوضع بسبب خلافاتها واختلافاتها إلى ما هو عليه الآن من إهتراء، ولا موافقة على تسيير عمل الحكومة ولو في الحد الأدنى بانتظار توصل الكبار إلى اتفاق على رئيس جمهورية يفرضونه على كل الأطراف والقوى الداخلية، بالرغم من كل اقتراحات ومشاريع الحلول التي عرضت عليه من قبل الوسطاء والخائفين على هذا البلد سواء بالنسبة إلى موضوع صهره الثاني شامل روكز أو بالنسبة إلى الآلية بالنسبة إلى اجتماعات مجلس الوزراء حتى ان بعضها تجاهل المادة 65 من الدستور التي تحكم أعمال مجلس الوزراء إرضاء لرئيس تكتل التغيير والإصلاح وحتى لا تبقى البلاد وشؤون العباد معطلة ويتفاقم الانقسام الداخلي أكثر مما هو عليه بما يخشى معه انفلات الأمور من يد الجميع، ويقع البلد برمته ضحية العماد عون الذي ليس له أي أفق.
ولعل رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري المتوترة علاقته مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح، كان يُدرك ذلك وبالرغم من ذلك دعا إلى انعقاد طاولة الحوار لعل العماد يستدرك الأمر ويدرك خطورته فيقدم على تسهيل عملية انتخاب رئيس جمهورية غيره كما فعل في الدوحة، لكن رئيس تكتل التغيير والإصلاح سارع إلى إغلاق كل الأبواب، بوضع الجميع امام خيار واحد وهو الانتقال من النظام البرلماني الديمقراطي الذي ارتضاه اللبنانيون، لتناسبه مع التركيبة اللبنانية التي تقوم على مبدأ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين بمعزل عن العدد والتي اتفق على تسميتها بالصيغة الفريدة ي هذا الشرق والتي تعني العيش المشترك أو الواحد بين اللبنانيين واحترام التعددية والتنوع إلى النظام الرئاسي الذي ينسف هذه الصيغة بشكل كامل، ويقضي على العيش المشترك، ويضع لبنان في المجهول وصولاً إلى القضاء على الوجود المسيحي في لبنان الذي ما زال يُشكّل آخر مكان لهم في هذا الشرق بعدما هجروا من العراق ومن سوريا، فهل هذا ما يريده فعلاً العماد أم انه ينفذ مشروع حزب الله الهادف إلى اسقاط النظام للوصول إلى مؤتمر تأسيسي يُعيد تشكيله وفق معيار ما يسمى بالمثالثة، وسواء كان هذا أو ذاك فالهدف يبقى واحداً وهو الانقلاب على النظام، ومن يعش يرَ..!؟