IMLebanon

عون يتعامل بصدق مع «الثعالب»

اثبت التحرك البرتقالي بالزحف على السراي الحكومي في الجلسة الاخيرة لحكومة الرئيس تمام سلام، ان «التيار الوطني الحرّ» لا يزال فتياً، وصاحب عصب مشدود ويلبي نداء الجنرال ميشال عون دون ان يرف له جفن، على الرغم من الكلام الكثير الذي كان يحكى عن تململ في صفوفه في ظل صراع الديوك على رقعته، وقد اكد الحراك العوني الاسبوع الماضي ان «التيار» بالف خير، اضافة الى ان عون يستطيع تحريك شارعه بكلمة منه وان الحالة الشعبية التي يمثل منظمة ومتراصة الى حدود تفوقت فيها على الاحزاب التاريخية، وان العصب العوني اشبه ما يكون بالتكليف الشرعي لدى حليفه «حزب الله» الى يوم القيامة وفق اوساط قريبة من التيار الوطني الحرّ.

ربما مشكلة الجنرال في السياسة تكمن في الصدق وانه ينظر الى الآخرين من حيث هو لا من حيث هم، فصدق الجنرال يشكل مقتلاً له لا سيما وان اخصامه على الرقعة السياسية من فصيلة الثعالب وفق الاوساطن فسها، حيث يسعى هؤلاء الى عزل عون بطريقة تعيد الى الاذهان قضية «عزل الكتائب» في سبعينات القرن الماضي والتي اطلقها الراحل كمال جنبلاط فكلفت البلد حروباً اهلية لا يزال الجميع يعاني من تداعياتها، وان اخصام الجنرال يمارسون سياسة «ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم»، فاذا كانت الطائفة السنية بغالبيتها ترفض المساس بموقع رئاسة الحكومة او تسمية رئيسها من خارج«تيار المستقبل» واذا كانت الشيعية السياسية ممثلة بثنائية «حزب الله وامل» حيث يستحيل تسمية رئيس لمجلس النواب خارج ارادتها، فلماذا يؤخذ على الجنرال طلبه الاتيان برئيس مسيحي قوي وبقائد للجيش يسميه الاقطاب المسيحيون وفي طليعتهم الجنرال كونه قوة فاعلة على الرقعة المسيحية الى جانب «القوات اللبنانية».

وتضيف الاوساط ان اخصام الجنرال احرجوه فاخرجوه الى حد دفعه الى ان يطالب بالفيدرالية «اذا غلبنا ولكننا لن نغلب»، فالاطراف المذكورة وفي طليعتها «التيار الازرق» تعاطوا مع الجنرال بطريقة «سررتمونا بكلام وسررناكم بكلام»، فالرئيس سعد الحريري اثبت انه آخر من يفي بوعوده وقد لذع الجنرال منه اكثر من مرة وخصوصاً في مسألة التوافق على رئاسة الجمهورية، اضافة الى تخلي الحريري عن معادلة تعيين العميد شامل روكز لقيادة الجيش واللواء عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي، وهذا الامر ان دل على شيء فعلى استخفاف الحريري بعون، وعدم تنفيذ ما يتعهد به، وان الاحتفال بعيد ميلاد الجنرال في بيت الوسط بحضور الحريري ومستشاره نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري كان ضرباً من الضحك على الذقون.

وتقول الاوساط ان «تيار المستقبل» الذي يصر على الشراكة «الدرزية» لا المتوازنة مع المسيحيين تعود اولاً واخيراً الى تحالف الجنرال مع «حزب الله» في السراء والضراء والى يوم القيامة كون الطرفين يتكاملان في مواقفهما، ومذ توقيع «ورقة التفاهم» بينهما لم يخل اي منهما بأي امر مع الاخر، وسبق للنائب السابق انطوان اندراوس ان قال ان «الخلاف مع عون خلاف سياسي وليتخلَ عن «حزب الله» لنأتي به رئيساً للجمهورية، اضافة الى الى ان «تيار المستقبل» لم يشرك عون بأي وزير في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي شكلها العام 2005 واستمرت الى 2008 والتي اطاح بها ما حصل في 7 ايار والذي كانت نتيجته اتفاق الدوحة، حيث شكل السنيورة بعده حكومة كان نصيب «التيار الوطني الحر» فيها وزارة الاتصالات التي شغلها الوزير جبران باسيل واستمرت حتى العام 2009، حيث قام الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان والانتخابات النيابية عام 2009 وحصل فيها «التيار» على حقيبتي الطاقة والاتصالات الى ان اطيح بها وكان الحريري آنذاك يدخل عتبة البيت الابيض.

وتشير الاوساط الى ان اطرافاً أخرى الى جانب «المستقبل» تسعى الى تهميش الدور المسيحي وفي طليعتهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي غرّد ليقول لعون انه لم يغرّر به في مسألة العميد روكز لكن مجريات جلسة الحكومة الاخيرة التي حفلت بكلام من العيار الثقيل تعاكس التغريدة الجنبلاطية حيث كان لوزير الصحة وائل ابو فاعور كلام غير مطابق للمواصفات وان جنبلاط نطق بفم أبو فاعور، بالاضافة الى ان جنبلاط من ابرز اللاعبين على عرقلة انجاز الاستحقاق الرئاسي من خلال رفضه المطلق لانتخاب رئيس مسيحي قوي على قاعدة ان مرشحه هو المسيحي الاقوى.