IMLebanon

حوار عون – الحريري توقّف عند الاستحقاق هل يتوقّف عنده أيضاً الحوار مع جعجع؟

إذا كان للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله عذره وأهدافه في تعطيل جلسات انتخاب رئيس للجمهورية نظراً الى ارتباط حزبه بايران ارتباطاً عضوياً، فما هو عذر العماد ميشال عون عندما يساهم في هذا التعطيل وهو غير مرتبط بأي خارج، على حدّ قوله، سوى انه يصرّ منذ سنوات، ولا يزال، على أن يكون وحده المرشح للرئاسة الأولى كونه الأكثر تمثيلاً للمسيحيين والأحق من غيره بالرئاسة؟

لقد بات واضحاً للجميع أن “حزب الله” لن يقرّر حضور جلسة انتخاب رئيس للجمهورية إلا إذا طلبت منه ايران ذلك، ولا أحد يعرف متى تطلب وما هو الثمن، وان العماد عون لن ينسحب لأي مرشح للرئاسة حتى لو كان من اقرب القريبين اليه لأن عينه كانت على قصر بعبدا منذ أن صار تعيينه رئيساً لحكومة عسكرية، وقد استمر فيها حتى بعدما أصبحت نصف حكومة، وقد طابت له الاقامة في القصر… وهو يعمل بشتى الوسائل للعودة اليه. حتى ان خروجه من قوى 14 آذار وتفاهمه مع “حزب الله” لم يتم إلا بعدما تأكد أن أركان هذه القوى لم يؤيدوا ترشيحه للرئاسة وكان ذلك من أسباب رفضه تأليف لوائح انتخابية مشتركة معهم اعتقاداً منه أن تحالفه مع هذا الحزب قد يوصله الى قصر بعبدا، إن لم يكن بقوة الأكثرية النيابية التي كان يعتقد ان الحزب سيفوز بها مع حلفائه، فبقوة السلاح التي تستطيع تحويل الأقلية أكثرية، أو تعطيل أي انتخاب اذا لم تكن نتائجه ترضيه. ولو أن الخارج لم يتدخل لعقد مؤتمر الدوحة، لما كان للبنان رئيس ولا حكومة ولا مجلس نواب، وهو ما يلوح شبحه مجدداً اليوم فيما الخارج مشغول عن لبنان بما هو أهم.

الى ذلك، يمكن القول إن المسؤول عن تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية هما اثنان: “حزب الله” والعماد عون. فاذا كان للحزب عذره في التعطيل لارتباطه بايران فلا عذر اطلاقاً لعون في أن يقف معه وإلا تحمَّل المسؤولية الكبرى أمام الله والتاريخ والوطن. فاذا كان من حق عون الترشح للرئاسة فليس من حقه فرض ترشيحه على الآخرين وتخييرهم بين القبول به رئيساً أو لا يكون رئيس…

لقد توقف الحوار بين العماد عون والرئيس سعد الحريري عندما وصل الى موضوع الاستحقاق الرئاسي، وتبين ان الحريري لا يؤيده للرئاسة الأولى، ليس لأسباب شخصية إنما لأسباب سياسية لأن كلاً منهما في مكان، وحتى لو غيّر عون مكانه فان الثقة المفقودة به لا تجعل أحداً يستطيع أن يضمن بقاءه في هذا المكان. فهل يتوقف الحوار بين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” عند البحث في موضوع الانتخابات الرئاسية وللأسباب عينها، خصوصاً أن العماد عون يكرّر تأييده لسلاح “حزب الله” وتدخّله في سوريا وفي غير سوريا ولا يرى في وجوده إضعافاً للدولة وانتهاكاً لسلطتها وسيادتها، كما يرى في السياسة الايرانية ما يخدم مصلحة لبنان، في حين يرى جعجع وقوى 14 آذار خلاف ذلك. فكيف يمكن ان يؤيد أحدهما الآخر للرئاسة وكل منهما في مكان ولا يلتقيان إلا للدخول في جدل عقيم؟

وما دام العماد عون لم يحظَ بتأييد الرئيس الحريري ولا بتأييد جعجع بعد مرور نحو سنة على الشغور الرئاسي، فقد بات من الواجب الوطني الانتقال للبحث عن مرشح ثالث، واذا تعذر ذلك فان المخرج هو في العودة الى الدستور الذي ينص بوضوح وصراحة كيف يتم انتخاب رئيس للجمهورية، ولا حاجة الى ابتداع آلية جديدة. وهذا النص يدعو الى الاقتراع السري وليس الى الاقتراع العلني، خصوصاً ان بعض النواب يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر، ولا يكفي القول إن من يمثلون المسيحيين تمثيلاً صحيحاً هم الذين ينبغي انتخابهم للرئاسة الاولى إسوة بمن يمثلون المسلمين. ولكن فات أصحاب هذا القول إن أي ممثل تمثيلاً صحيحاً للمسيحيين يحتاج الى موافقة شريكه المسلم، كما أن المسلم الذي يمثل تمثيلاً صحيحاً المسلمين يحتاج الى موافقة شريكه المسيحي. وهذا الوضع حصل في الماضي عندما لم يستطع أي ركن من أركان “الحلف الثلاثي” (كميل شمعون، بيار الجميل، ريمون إده)، وهم الممثلون للغالبية الساحقة من المسيحيين، الحصول على عدد كاف من أصوات المسلمين ليضمن فوزه بالرئاسة فاتفقوا على تأييد مرشح آخر هو سليمان فرنجيه، وكانت معركة الصوت الواحد.

لذلك يمكن القول إن حوارات المجاملات لا بل التكاذب المتبادل ينبغي ان تتحول حوارات مكاشفة ومصارحة توصلاً للاتفاق على مرشح ثالث توافقي، حتى إذا ما تعذر ذلك يتقرر عندئذ النزول الى مجلس النواب لتنتخب الأكثرية المطلوبة من تريد رئيساً من بين المرشحين المعلنين وغير المعلنين، وإلا تحمل من يستمرون في مقاطعة جلسات الانتخاب مسؤولية استمرار الشغور الرئاسي واستمرار الخلل في الميثاق الوطني، وجعل الأبواب مفتوحة أمام الفراغ الشامل ومنه تدخل الفوضى العارمة التي تضع لبنان على طريق المجهول.