IMLebanon

عون لم يتعلم من دروس الماضي؟!

فيما يجمع المراقبون الديبلوماسيون والسياسيون على ان لبنان يجتاز ظروفا صعبة للغاية، فان المناخ الداخلي والاقليمي يوحي وكأن الايام المقبلة مرشحة لمزيد من التفاقم السلبي، جراء عدم تفاهم اللبنانيين على مواجهة المخاطر المحدقة بهم، ان لجهة الحال الامنية،  او لجهة عدم القدرة على انتخاب رئيس للجمهورية، ما قد يؤدي الى الاستمرار في مواجهة «المجهول المؤسساتي»، قياسا على عدم قدرة رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون على مقاربة موضوع الرئاسة الاولى بمنطق «ما ليس منه بد»، طالما انه لا يملك اكثرية نيابية قادرة على حسم الرهان السياسي عليه!

وما يثير التساؤل في هذا الصدد ان «الجنرال» يتطلع الى رئاسة الجمهورية من منظار غير واضح  المعالم، كونه في منافسة غير متكافئة مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المدعوم من تيار المستقبل ومن قوى 14  اذار. فيما ينطلق العماد عون في عدم ترشحه من التحكم بالنصاب القانوني لجلسات الانتخاب، وفي الحالين فانه يخاف من ان يقارب الترشح، خشية الفشل الذي يعني بالنسبة اليه نهاية المشهد السياسي الذي بدأ متأخرا من خلال انقلابه على المؤسسات الشرعية يوم حال دون انتخاب رئيس بعدما تم «تتويجه» رئيسا للحكومة العسكرية في نهاية حكم الرئيس امين الجميل، حيث انيطت به مهمة تأمين انتخاب الرئيس وهو لم يفعله، بعدما اسكرته مقولة «يا شعب لبنان العظيم» والالتفاف حوله في قصر بعبدا، ردا على النقمة الشعبية التي جسدها قرف  اللبنانيين من الاحزاب والتنظيمات التي طال تناحرها؟!

وما زاد الطين السياسي بلة انذاك ان مرسوم تعيين الحكومة العسكرية لم يكتمل جراء انسحاب الوزراء المسلمين من حكومة عون، وبالتالي اعلان حربه على الاحتلال السوري ومن ثم فتح النار على الحزب المسيحي الرديف «القوات اللبنانية» بقيادة سمير جعجع. هذا الكلام غير جديد ومعروف من جميع اللبنانيين على السواء، باستثناء تكويع عون باتجاه فتح علاقة مع المخابرات السورية على امل اسقاط القوات في حرب اوصلته ومعه القوات الى تقاسم النفوذ والسيطرة على اكثر من مكان واحد!

هذه المعلومات ليست جديدة، بقدر ما يعرفها القاصي والداني،  لكنها ادت في نهاية المطاف الى انقلاب الشرعية اللبنانية عليه حيث اطاحت به عملية عسكرية نفذتها القوات السورية بقيادة اللواء اميل لحود الذي كوفئ على عمله باعطائه رئاسة الجمهورية بعد رئاسة الرئيس الياس الهراوي الذي بلغ خلاف عون معه ذروة الصراع السياسي والامني، ما اوصل عون وفريقه السياسي الى الفرار من ارض المعركة وبالتالي الفرار الى فرنسا حيث تحول عون وجماعته الى لاجئين سياسيين تأمنت عودتهم الى لبنان بعد ازاحة الاحتلال السوري (…)

وما اثار التساؤل انذاك الزيارة التي قام بها عون الى وزارة الدفاع حيث عاد سمير جعجع في سجنه العسكري وقد قيل يومها  ان عون  تعلم من دروس الماضي من دون ان يصدق قول من زعم ان الجنرال ارتكب «فعل ندامة» بحق جعجع في تلك الاونة!

لا بد من القول تكرارا ان الحوادث والتطورات المشار اليها معروفة، لكن الحديث عنها مجددا تمليه ظروف الرجلين ميشال عون وسمير جعجع اللذين لم يتعلما من دروس الماضي ولو بصورة مختلفة نسبيا، والا لن يكون معنى لصراعهما المستمر على زعامة البلد، على رغم المتغيرات التي حصلت في اعقاب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما اعقب ذلك من مسلسل طويل عريض من اغتيالات قادة سياسيين وقادة رأى في قوى 14اذار!

ان الجديد في صراع عون جعجع هو امتلاكهما قوة سياسية ضاربة ممثلة للاول بحزب الله الذي جرب سلاحه في طول لبنان وعرضه وقف مع الاول «من دون شور ولا دستور» فيما وقفت مع الثاني قوى 14 اذار وتيار المستقبل، بما عرف عنهما انهما ضد التدخل السوري ومؤثراته في لبنان، وهذا الشيء لا يزال عالقا في علاقة عون بجعجع والعكس صحيح غير ان الجانبين لا يزالان في صراع سياسي غير قادر على ايصال اي من الاثنين الى قصر بعبدا، مع العلم ان قدرات التحرك لدى جعجع افضل بكثير من قدرة عون الذي لم يعرف كيف يزيد من تحالفه مع حزب الله الشيعي الى تحالف مسيحي – سني باستثناء ما لديه من نواب وزعامات بلا لون ولا طعم ولا رائحة؟!