سبق السيف العذل، وجرى التمديد لقائد الجيش جان قهوجي بتوافق عريض لم يشذ عنه سوى ميشال عون الذي فشلت مناورته حسب تسريبات زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري بعدما كان وافق على “مخرج” اعوج يقضي بالتمديد لقائد الجيش، ورئيس الاركان، ورئيس المجلس الأعلى للدفاع، في مقابل ان يتم تعديل قانون الدفاع ورفع سن التقاعد للعمداء ثلاثة سنوات اضافية، بما يتيح لصهره شامل روكز ان يبقى في المنافسة على موقع قيادة الجيش مدة اطول. الرواية التي خرجت خلف جدران “عين التينة” تشير الى موافقة عون، ثم تراجعه وخروجه عن السمع لعدة اشهر، الى ان اقترب الاستحقاق قبل ايام فسعى الى اعادة احياء “المخرج” الاعوج بعد تيقنه ان التمديد لقهوجي حسم بتوافق عريض، وتغطية عربية ودولية تستند الى تفاهمات (الايرانيون و”حزب الله” جزء منها) تقضي بالابقاء على “التهدئة” قائمة، وبالتالي الحفاظ على حكومة “ميتة” من الناحية العملية على قيد الحياة بـ”التنفس الاصطناعي” الذي يتوافق مع مصالح جميع الاطراف الراهنة من ١٤ آذار الى ٨ آذار مرورا بالوسطيين (وليد جنبلاط وميشال سليمان). وحده عون الذي راكم المطالب ذات الطابع العائلي الى حد لم يكن من الممكن تلبيتها في ضوء الوضع القائم، والتوازنات التي ترعاه، خرج عن الصف، وقرر اضافة معركة ايصال صهره شامل روكز الى قيادة الجيش، الى معركته للوصول الى رئاسة الجمهورية بالتعطيل، متوعدا بالنزول الى الشارع لتغيير المعطيات.
كل المؤشرات في الساحة المحلية تشير الى ان عون، وحسب ما نقل عن “حليف حليفه” نبيه بري فوت فرصة ايصال صهره الى قيادة الجيش، وان العودة الى الوراء صارت صعبة للغاية. اما حليفه “حزب الله” القادر على تعقيد الوضع اذا ما قرر الانضمام الى عون في “المنازلة” فيبدو واقعا بين نارين : لا يسعه التفرج على خسارة كبيرة لعون الغطاء اللبناني الوحيد المتبقي له، وفي المقابل فإنه لا يستطيع في مرحلة “التهدئة ” والوقت المستقطع اقليميا ودوليا ان يشعل البلد كرمى لعيون عون واصهرته. وفي مطلق الاحوال فلو سلمنا جدلا بإنضمام “حزب الله” الى عون في “المنازلة” لايصال روكز، فإنه، وفي احسن الاحوال، لن يحصل سوى على توتر، وتعطيل، واحتقانات في الشارع، وفي النهاية لن يصل روكز الى قيادة الجيش فرضا.
قد ينزل عون الى الشارع، لكن مشاركة مناصريه بالحجم الذي يأمله تعتمد على الهدف الذي سيتراءى لها من الدعوة الى التعبير بالاقدام. من هنا السؤال: كم هي نسبة الذين سيدركون ان “منازلة” شخصية عائلية ضيقة ستحصل كسابقاتها عام ١٩٨٨.
قلنا سابقاً، ان عون لن يحصل على الرئاسة ولا على قيادة الجيش. ومازلنا عند قولنا. وحده عون لا يقرأ ويرفض ان يقرأ المشهد على حقيقته.