IMLebanon

عون أسقط المبادرة الفرنسيّة بالضربة القاضي . فماذا بعد؟

مع اتمام الفراغ الرئاسي مئويته الثانية ، على وقع الحراك الدبلوماسي والتأجيل المتتالي لجلسات الانتخاب الدائرة ،في عجلة التعطيل المقفلة ذاتها ، تخفق الجهود المبذولة المتعددة الاطراف، مرة جديدة في تحقيق اي خرق، رغم الفرصة المتاحة اقليميا ودوليا. فالتاجيل الذي تزامن هذه المرة مع الانطلاق الموعود لحوار المستقبل-حزب الله، تزامن ايضا مع زحمة دبلوماسية تشهدها بيروت على حد قول مصادر 14 آذار، في حركة دولية مزدوجة لاستطلاع مكامن التعقيدات والتاكيد على ضرورة انهاء الفراغ في بعبدا، تصدرها الموفد الفرنسي الذي زار الجميع مع تركيزه على القادة الموارنة، متقاطعا مع زميله الروسي الذي اجتمع الى الجميع مركزا على فريق الثامن من آذار ، باحثين عن رئيس من خارج الاصطفافات في معادلة يحكمها مدى التعاون الايراني من جهة ،وقدرة العماد عون على الاستمرار في تصلبه من جهة اخرى.

جولات دفعت بالبعض بحسب المصادر، الى افتراض وجود مبادرة فرنسية لحل الازمة المستعصية، اعتمادا على موقف ايراني مستجد وعلم سعودي وتكليف اميركي ممد، تقوم على تسويق مواصفات الرئيس قبل اسمه، تولى الجزء السوري منها بوغدانوف بحسب الطلب الايراني، على ان تكون اولى نتائجها العملية انطلاق الحوار بين المارد الشيعي والجبار السني ، تزامنا مع حراك بطريركي في الشارع المسيحي ، في فرصة اخيرة للقادة الموارنة لاسترداد زمام المبادرة واستعادة دورهم في الاستحقاق ، والا فان بكركي ستؤمن الغطاء المسيحي بايعاز فاتيكاني لاي اتفاق قد يصل اليه الحوار بين بيت الوسط وحارة حريك بعد توسيع مروحة المشاركين فيه.

غير ان المناخ الايجابي الانفراجي المنطلق من معطيات حسية بحسب المصادر، المعززة بالرسائل المبطنة التي تضمنتها مواقف الموفد الروسي لجهة اشارته الى ضرورة تعميم «اعلان بعبدا» ، هو الخائف من صفقة اميركية-ايرانية في سوريا يلزم بموجبها ملف دمشق لطهران، نسفتها المعلومات المسربة من باريس، التي حرصت على اطلاع رئيس الحكومة تمام سلام على تفاصيل زيارة جيرو الى لبنان والتي خلصت الى ان افق الحل الرئاسي في لبنان مقفلة على حدّ قول المصادر، بسبب التباعد في مواقف الاطراف الداخلية المصرة على مواقفها وان بتفاوت ، وصل برئيس تكتل الاصلاح والتغيير الى وضع شروط تعجيزية لجهة ربط الاستحقاق الرئاسي بقانون الانتخابات النيابية وبمحاربة الفساد.

نظرة تتفق ورؤية اوساط سياسية لبنانية بان «التحرك – المبادرة» لا يعدو كونه «حركة دون بركة» ومجرد لعب في الوقت الضائع الممد في الطريق الى حزيران المقبل،التي ستشهد محطة اساسية في آذار، على وقع التاجيل الذي اصاب التفاهمات الدولية والاقليمية ، بانتظار تأمين الحد الادنى من التفاهم الرباعي الاميركي -الاوروبي- الاسرائيلي -السعودي حول التعامل مع ايران .

فالرئاسة التي شكلت الشغل الشاغل لدوائر الاليزيه وحركت مستشاريها في اتجاه لبنان والدول المؤثرة، تصر فرنسا على استكمال مسعاها لانجاز ولادتها القيصرية، بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، مؤكدة ان مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في «الكيه دورسيه»، عازم على زيارة عدد من عواصم القرار المؤثرة على الساحة اللبنانية من طهران التي يصلها الاثنين، مرورا بالرياض وصولا الى الفاتيكان وواشنطن ، من اجل تنسيق الجهود حاملا معه حصيلة محادثاته في التشاور والتنسيق.

واضافت المصادر ان باريس وانطلاقا من التزامها التاريخي بحماية لبنان وسيادته واستقلاله لن تسمح بانهياره وهي تواكب الوضع عن كثب لارساء المعالجات الضرورية ان عبر موفديها الى بيروت او من خلال مواكبة الملفات والازمات من فرنسا وهي للغاية شكلت لجنة برلمانية من لجنة الشؤون الخارجية بمشاركة رؤساء كتل اليمين واليسار ستضع تقريرا بحاجات لبنان في مجمل الملفات لبحث سبل المساعدة، متوقعة في هذا الاطار تزخيما للحراك الخارجي بالتوازي مع الحركة الداخلية الحوارية المرتقبة مطلع العام بين حزب الله وتيار المستقبل من جهة وعلى مستوى القيادات المسيحية لا سيما رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والتي تولت بكركي مهمة تمهيد الارضية الصالحة لاعادة الوصل بين الرابية ومعراب، على امل ان تصل تلك الحركة الى خواتيمها السعيدة ، ليكون للبنان رئيس للجمهورية مطلع العام المقبل.

في الانتظار، تقول المصادر ان الملف اللبناني مع وضعه بكل ازماته وتعقيداته تحت العناية الفرنسية المكثفة في لقاء الرئيس فرنسوا هولاند ورئيس الحكومة تمام سلام الذي اتخذ ابعادا بارزة لم تقف عند حدود تأكيد السهر الفرنسي على «الرئاسة» ومنع انزلاق لبنان الى الهاوية التي يحذر منها كل الموفدين الدوليين، انما تعدته الى انجاز بروتوكول هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية بالصيغة النهائية وارساله الى المملكة العربية السعودية لتوقيعه في مهلة يتوقع الا تتخطى نهاية العام، في ظل سعي باريس الدؤوب على اعادة احياء تاريخها ومصالحها في لبنان، بعد طول غياب تقاسم خلالها الكثيرون النفوذ من سوريا الى ايران، في زمن تشهد فيه المنطقة اعادة رسم لحدود «سايكس- بيكو».