IMLebanon

التصعيد العوني يتخطّى القرارات الأمنيّة

في خضم المرحلة الجديدة التي دخلت فيها المنطقة، وارتفعت خلالها وتيرة الصراعات العسكرية، تدور على الساحة المحلية مواجهات غير مسلّحة، ولكنها على قدر كبير من الخطورة كونها ترتدي طابع التحدّي الكامل بين القوى والتيارات السياسية، وذلك على الرغم من معادلة الاستقرار المعمول بها منذ اندلاع الأزمة في سوريا. وتعتبر مصادر ديبلوماسية عربية، أن التصعيد السياسي الحالي بين «التيار الوطني الحرّ» من جهة وتيار «المستقبل» من جهة أخرى، والذي يحمل عنوان «قرارات التمديد الأمنية»، ليس سوى رأس جبل الجليد الذي لا يزال مخفياً حتى الساعة، لأن الخلاف الأساسي يعود إلى مراحل سابقة وإلى تباين كبير في مقاربة الواقع الداخلي ونهج الإدارة الرسمية بشكل عام، وصولاً إلى ما يعتبره العماد ميشال عون، وإن لم يتطرّق إليه بالأمس، تعدّياً على حقوق المسيحيين في المؤسّسات والإدارات العامة، وتجاهلاً لدورهم السياسي رغم كل الحملات والاحتجاجات التي يقوم بها تياره في الشارع وعلى المنابر الحزبية والسياسية.

ولاحظت المصادر الديبلوماسية نفسها، أن التصعيد الحالي يخفي في طياته مؤشّرات على نضوج ظروف التسوية في المنطقة، والتي ستطال حكماً الواقع المحلي الذي يراوح مكانه منذ بدء الشغور الرئاسي بانتظار التفاهمات الإقليمية. ونبّهت في هذا المجال إلى انعكاسات سلبية لاستعجال المواجهة في الداخل اللبناني، معتبرة أنها ستعرقل الترتيبات التي انطلقت على أكثر من ساحة محتدمة بدءاً من الساحة السورية، وصولاً إلى الساحة اليمنية مروراً بالساحة العراقية. وأكدت أن الصرخة التي أطلقها العماد عون في ردّة فعله العنيفة على القرارات الأخيرة، تنطلق من مناخات إقليمية تؤشر الى بداية تواصل كان مقطوعاً بين عواصم القرار في المنطقة، وسيؤدي في حال نجاحه إلى العبور نحو التسويات المنتظرة.

وطرحت المصادر الديبلوماسية ذاتها، أكثر من علامة استفهام حول أسباب انقلاب المشهد الداخلي من الحوار والمساعي لإنتاج توافق داخل الحكومة حول الاستحقاقات الأمنية، إلى انفجار سياسي، خاصة أن تهدئة ملحوظة قد سُجّلت خلال الجلستين الأخيرتين لمجلس الوزراء، تحاشت فيها كل الأطراف الاصطدام المباشر في كل القضايا التي جرى طرحها، وذلك بانتظار التفاهم. وأضافت أن التوتّر الحالي لم يكن مرتقباً خصوصاً أن موعد اتخاذ القرار بشأن تعيين قائد جديد للجيش، أو التمديد للعماد جان قهوجي، لم يحن أوانه بعد، وكان متروكاً حتى شهر أيلول المقبل، لافتة إلى أن ما حصل أخيراً بالنسبة لقرار وزير الدفاع الوطني سمير مقبل التمديد للقادة الأمنيين رغم الاعتراض العوني، قد ساهم في زيادة التعقيدات والأزمات في المشهد الداخلي. وبالتالي، وجدت أن هذا التطوّر، على خطورته بالنسبة للتسبّب بمواجهة في الشارع فيما لو قرّر العماد عون التحرّك كما أعلن في مؤتمره الصحافي الأخير، فهو يضع الساحة الداخلية برمّتها أمام مفترق طرق تتعدّد فيه الإحتمالات التي تتساوى ما بين الانفجار الكامل، أو الدخول إلى تسوية شاملة تبدأ بالأزمة الرئيسية على الساحة اللبنانية، وهي الانتخابات الرئاسية.

من هنا، فإن هذا التصعيد سيحضر بقوة أمام الحكومة قبيل جلستها المقرّرة الخميس، كما أضافت المصادر الديبلوماسية عينها، والتي كشفت عن تداعيات سلبية على العلاقة بين العماد عون والرئيس سعد الحريري، سيكون أبرزها «الفيتو العوني» على أكثر من استحقاق يستعدّ له الرئيس الحريري في الاستحقاقات الدستورية المقبلة.