عندما يهادن «الجنرال» جعجع.. ويحارب قيادة الجيش
عون يخوض حرب إلغاء.. «التهميش»
يستمر صقور «تيار المستقبل» في المجاهرة الشديدة اللهجة بالحقيقة التي يحاول الرئيس سعد الحريري تلطيف وقعها على الرابية، وهي أن وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية والعميد شامل روكز إلى قيادة الجيش، أمر مرفوض وممنوع.
ولعل أقصر الطرق لمعرفة ما يفكر به الحريري حيال «الجنرال» هو الاستماع الى الرئيس فؤاد السنيورة والوزير أشرف ريفي، باعتبارهما من أصحاب المواقف «الخام» التي لا تخضع قبل إطلاقها الى «التكرير»، وربما تكون أكثر تعبيراً عن موقف «المملكة» التي أخذت في مرحلة معينة على الحريري أنه لم ينسّق معها بعض «مبادراته» إزاء الرابية.
ومع ذلك، لا يبدو عون بوارد التراجع عن مطلب تعيين قائد الجيش في مجلس الوزراء، وهو يرفض كل مشاريع التسوية او جوائز الترضية التي يتداول بها البعض، من قبيل التمديد لروكز ضمن سلة تشمل عدداً من الضباط، او تعيينه مديراً للمخابرات خلفاً للعميد ادمون فاضل الذي تنتهي خدمته قريباً.
وتؤكد مصادر وثيقة الصلة بعون أن أخطر ما يمكن أن يحصل هو ان يتحول قائد الجيش الى مياوم او موظف لدى وزير الدفاع، أياً يكن اسمه، لافتة الانتباه الى ان استسهال التمديد للاول بقرار إداري من الثاني هو تسخيف وتحجيم لموقع قيادة الجيش الذي يمثل ما يمثل في تركيبة الدولة ومعادلة التوازنات اللبنانية.
وتتساءل المصادر: هل يجوز أن قائد الجيش الذي يعيّنه مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين – بمعزل عن هويته ـ ينتهي به المطاف الى تمديد خدمته بقرار فردي من وزير الدفاع الذي هو سمير مقبل اليوم، ولا يُعرَف من سيكون غداً؟
وتستهجن المصادر أن يكون تأجيل التسريح مستنداً الى قرار صادر عن مجلس الوزراء العام 1991 بتولي الجيش حفظ الأمن، في أعقاب المواجهة التي حصلت في بريتال مع الشيخ صبحي الطفيلي، لافتة الانتباه الى ان العصا التي يتكئ التمديد عليها هزيلة.
ورداً على المعادلة التي يطرحها السنيورة وفحواها أنه لا يمكن لعون أن يستحوذ على موقعي رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش في الوقت ذاته، وان المطلوب منه ان يتنازل عن الرئاسة في مقابل وصول روكز الى اليرزة.. تقول المصادر المقربة من عون أن المقايضة التي يطرحها السنيورة هي وهمية وأقرب ما تكون الى بيع السمك في البحر.
وتضيف المصادر: الطرح مرفوض بحد ذاته، ولكن لو أراد عون فرضاً مجاراة السينورة، فلا بد من التساؤل: أي من الموقعين هو مع الجنرال أصلاً حتى يقايض عليه؟ إنهم يضعون فيتو ضمنياً على روكز في قيادة الجيش، ويضعون فيتو علنياً على عون في الرئاسة، وبالتالي فليس بحوزة الجنرال ما يمكنه المقايضة عليه.
وتعتبر المصادر أن بعض القوى السياسية تهدف عبر إصرارها على تأجيل تسريح العماد جان قهوجي مجدداً، خلافاً للقانون والدستور، الى إبقائه مرشحاً محتملاً للرئاسة، حتى تستمر تلك القوى باستخدام هذا الترشيح كلغم على طريق عون الى قصر بعبدا، بعدما نجحت ورقة «إعلان النيات» بين «التيار الحر» و «القوات» في التخفيف من حدة موقف سمير جعجع حيال ترشيح عون.
وتشير المصادر إلى أن الفريق الآخر يقامر سياسياً بعدما قرر الاستئثار بكل شيء، من قيادة الجيش الى رئاسة الجمهورية مروراً بمجلس النواب الذي يمنعون تصحيح تمثيله، واستنسابية التعيينات في مجلس الوزراء، ما اضطر عون الى تعطيل الحكومة التي أصبحت إحدى أدوات محاصرته وتهميشه، «وها هو يستعد للرد الأبلغ عبر استنهاض الحالة الشعبية لتقول الكلمة ـ الفصل».
في المقابل، تحذر أوساط معارضة لعون من تداعيات المعركة التي يخوضها من أجل تعيين روكز قائداً للجيش، مشيرة الى انه لا يجوز الزج بالمؤسسة العسكرية في آتون التجاذب السياسي بهدف تحقيق مكسب ما.
وتلفت الاوساط الانتباه الى أن تلويح عون باستخدام الشارع لتحقيق مطلبه، ينطوي على خطورة فادحة، لأن من شأن ذلك أن يضع جزءاً من اللبنانيين في مواجهة المؤسسة العسكرية، «وإذا كان الجنرال قد لجأ الى استنفار القواعد الشعبية العام 1989 في سياق التعبئة ضد الوجود السوري واتفاق الطائف، فإن هذا السلاح لا يجوز استعماله ضد الجيش أو قائده، مهما بلغت حدة الاعتراض على احتمال التمديد لقهوجي».
وتشدّد الأوساط على ان الحملة التي تستهدف قيادة الجيش لا تتناسب مع تضحيات المؤسسة العسكرية وإنجازاتها في مواجهة الارهاب، وتختم بالقول: «من المفارقات ان عون بات على وئام مع جعجع، وعلى خصومة مع قائد الجيش، بعدما كان قاد الجيش ضد «القوات» في الماضي»!