IMLebanon

عون يسبح في «البحر الهائج»: مخاوف من اغتيالات وحروب جديدة!

خطاب الحريري الأحد صفعة سياسية لتهجمات الرابية… ومصيران أحلاهما مرّ أمامها

عون يسبح في «البحر الهائج»: مخاوف من اغتيالات وحروب جديدة!

قيادي بارز في المستقبل: مَن يُهدّد بتطيير الحكومة ويظن أنه «يُمسكنا باليد التي توجعنا» عليه أن يتحمّل المسؤولية

في خضم الحركة الاعتراضية التي يقودها رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، والآخذة منحى تصعيدياً تحت شعار «حقوق المسيحيين»، على خلفية رفض وزيري «التيار الوطني الحر» وحلفائه مناقشة مجلس الوزراء  لأي بند على جدول الأعمال  قبل بتّ ملف التعيينات العسكرية، واعتبار إقرار المجلس الخميس الماضي لمشروع دعم  الصادرات الزراعية تجاوزاً لتلك الحقوق، والتهديد باللجوء إلى الشارع، ثمة مخاوف بدأت تطفو على السطح من «مغامرة غير محسوبة» يدفع إليها عون جمهوره، بحسب قراءة معارضيه، قد تؤول إلى إدخال البلاد في إرباكات أمنية، وانفلات الأمور على وقع احتدام الصراع في ساحات المواجهة إقليمياً، والتي تشهد الكثير من التحولات والتغييرات الميدانية، لا سيما في العراق وسوريا مع سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» على  مناطق جديدة، من مدينة الرمادي العراقية إلى تدمر السورية، في الوقت الذي كانت تفلت فيه مناطق، سيطر عليها سابقاً، من قبضته.

في قراءة معارضي جنرال الرابية، يسود اقتناع راسخ بأن عون وصل إلى الدرجة الأخيرة في سلّم التصعيد، وباتت أمام خيارين، كلاهما خاسر. فإنْ هو تراجَعَ عن السقف الذي يمضي في رسمه، سيخسر، وإن هو مضى في طريق التصعيد، سيسقط، ذلك أن لا مصلحة راهناً لحليفه،  المنشغل في سوريا، بتعريض الساحة الداخلية لاهتزازات أمنية. وإذا كان «حزب الله» يدرك أهمية حماية تحالفه مع جنرال الرابية،  ويحرص على المواءمة بين مصالحه ومراعاة حليفه، فإن ذلك لن يتعدّى التضامن معه داخل مجلس الوزراء، ودعم حركته الاعتراضية سياسياً، من دون رفده شعبياً في الشارع والدفع بتحركه إلى نقطة اللاعودة، والإطاحة بالحكومة التي يعي الحزب جيداً أهمية الحفاظ عليها في هذه الظروف الراهنة لما تشكله من صمّام أمان سياسي في الداخل بالتوازي مع انخراطه بالمعركة الدائرة في سوريا، والدور الذي يلعبه  كجزء من المنظومة الإقليمية التي تقودها إيران.

وفي رأي قوى الرابع عشر من آذار، فإن تمسك الشريك في «الثنائية الشيعية» نبيه بري بالحكومة ورفض تعطيلها يعكس في طياته الموقف الفعلي للحزب، ذلك أن الرجل يُدرك حدود هامش الاستقلالية والتمايز المسموح به ضمن الثنائية القائمة. هذه القناعة، وفق مطّلعين، هي التي مهّدت الطريق أمام رئيس الحكومة لاتخاذ خطوة الدعوة إلى جلسة الخميس الماضي إحياء لعمل المجلس، في حسابات مدروسة ومحسوبة لجهة نتائجها وتداعياتها على الساحة الداخلية ومستقبل الحكومة التي أبصرت النور وفق معادلة فرضتها توافقات إقليمية دقيقة لا تظهر المعطيات المتوافرة أنها قد تبدّلت إلى الآن.

ورغم الاعتقاد السائد لدى  كثير من القوى السياسية التي عاصرت مراحل سابقة لعون بأن الرجل بات أسير السقف العالي الذي طرحه، وإن ماضيه يوم كان قائداً للجيش ورئيساً للحكومة العسكرية يشي بجنوحه نحو «المغامرات القاتلة»، والتي برزت إحدى تجلياتها اليوم في الهجوم العنيف على «تيار المستقبل» و«الحريرية السياسية» والطائفة  السنية  ووصف زعامتها بالداعشية، فإن القرار المتخذ لدى دوائر «المستقبل» هو عدم الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع «جنرال الرابية»، والرد عليه من خلال التأكيد على ثوابت قوى الرابع عشر من آذار و«تيار المستقبل»، والتي سيعيد الرئيس سعد الحريري، في الخطاب الذي سيلقيه في الإفطار المركزي الأحد المقبل، تأكيد التمسك بها لجهة انتهاج سياسة الانفتاح والتوافق والتمسّك بالشراكة والمناصفة والطائف، والتي يشكل انتخاب رئيس الجمهورية المدخل الرئيسي لكل المنادين بحماية حقوق المسيحيين.

غير أن الحرص على التمسّك بالحكومة، وما تشكله من مظلة أمان للبلد، لا يمكن أن يتحوّل، وفق قيادي بارز في «تيار المستقبل»،  إلى أداة ابتزاز له ولحلفائه، ذلك أن الحكومة هي حاجة ومصلحة للجميع، ويُخطئ مَن يظن أنه بتهديد تطييرها يمكن أن «يُمسِكنا  باليد التي تُوجعنا». ومَن يسعى إلى تطيير الحكومة عليه أن يتحمّل المسؤولية.

 وإذا كان المدى الذي يمكن أن يصل إليه عون في خطواته غير واضح المعالم، وإنْ كان البعض يرى أن هذه الخطوات ستكون «زوبعة في فنجان»، فإن ذلك لا يحجب مخاوف فعلية في دوائر سياسية وأمنية من أن تفضي حال التأزم السياسي إلى توترات أمنية قد تُترجَم عبر فتح حروب جديدة، على غرار حرب مخيم «نهر البارد»، يكون مسرحها مخيم «عين الحلوة» حيث تشير التقارير الأمنية إلى متاريس رُسمت داخله كمقدمة لمعالم الـ «حرب المرتقبة».

إلا أن الأخطر يتمثل بالقلق من عودة الاغتيالات السياسية، حيث أن مخاوف جدّية تحوط بالرئيس تمام سلام لما يُشكّل موقعه في رئاسة الحكومة من ضمانة لاستمرار وجود المؤسسات الدستورية في البلاد.