بعد الهزة السياسية التي أحدثها زعيم القوات سمير جعجع بدعم ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة، ستظهر تردداتها في مواقف الكتل النيابية المفوضة دستورياً بانتخاب الرئيس. والسؤال الجوهري الذي يطرحه عليها هذا التطور الدرامي الجديد – كما هو مطروح دائماً في وجدان الناس – هو: هل حان الوقت للخروج من شغور رئاسي استمر نحو عشرين شهراً؟ أم نستمر في شغور رئاسي الى أجل غير مسمى؟! الدكتور جعجع قرر الخروج من سريالية الشغور الى الواقعية السياسية. وعلى الكتل النيابية أن تجيب أيضاً عن تحد آخر طرحه زعيم القوات وهو: هل صحيح انه الأوحد في الاقدام حيث لا يجرؤ الآخرون؟!
***
ظل العماد عون يحفر الجبل السياسي بابرة، بمثابرة وعناد، ونجح حتى الآن في احداث تصدع وتشلقات في جبل المعارضين لوصوله الى السدة الرئاسية. وقد حاول خصوم عون طويلاً احتواءه بالكسر ولم يفلحوا… ولكن هل الكسر هو السبيل الوحيد للاحتواء؟ الدبلوماسية الأميركية أجابت عن هذا السؤال بعد محاولاتها المريرة طوال عقود لكسر النظام الايراني، وعندما فشلت في ذلك توجهت الى احتوائه بأسلوب آخر هو الاتفاق معه على أساس برنامج متفق عليه، كما هو معروف…
***
مبادرة زعيم القوات تنطوي على منطق أميركي مشابه: في الشكل، عندما تعذر كسر عون، توجه للاتفاق معه. وفي المضمون تم الاتفاق على أساس ورقة البنود العشرة. وأكثر من ذلك… هل الدكتور جعجع من السذاجة السياسية بحيث إنه يغامر بفقد غطائه الاسلامي في لبنان ممثلاً بالرئيس سعد الحريري، وبغطائه العربي ممثلاً بالمملكة العربية السعودية، دون أن يكون بين يديه ضمان بغطاء أهم من نوع ما كان فيلتمان يمنحه في الماضي والحاضر؟ أليس جعجع هو صاحب القول الشهير في الكواليس بما معناه: أنا لا أشرب من الساقية بل من رأس النبع؟!
***
العماد عون رئيساً هو غيره قطعاً العماد عون الزعيم المعارض والساعي الى التسونامي الشعبي. في الرئاسة هو مقيد ليس فقط بالدستور، وانما أيضاً بمراعاة التوازنات والأوزان. واذا كان عون حاكماً بأمره في تكتل التغيير والاصلاح، فإن الحاكم في لبنان لا يستطيع أن يكون حاكماً بأمره سواء أكان من وزن بشارة الخوري أو كميل شمعون أو حتى فؤاد شهاب. وكان يقال إن الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط موهوب في قراءة رادار التحولات في المنطقة، فهل يكون جعجع سبقه في القراءة وبادر الى تلاوة النص وقرنه بالفعل؟! أي أن جعجع تفوق على جنبلاط في… الاستظهار!