IMLebanon

عون ـ فرنجية: طلاق «طبيعي» و«موضوعي»

هل يستمر الحريري بتسوية لا تعيده إلى الحكومة؟

عون ـ فرنجية: طلاق «طبيعي» و«موضوعي»

أولى نتائج تسوية الـ «س ـ س» الباريسية بين سعد الحريري وسليمان فرنجية هي وقوع الطلاق بين فرنجية وميشال عون. وهذا ما تبدى بوضوح في الاطلالة التلفزيونية لرئيس تيار «المردة».

لم يكن هذا الطلاق مفاجئا، فهو كان متوقعاً، خاصة وان العد التنازلي لحصوله بدأ في اللحظة التي تكشفت فيها اخبار التسوية الباريسية، التي تطيح الطموح العوني برئاسة الجمهورية. وبالتالي فإن الطلاق هو النتيجة الطبيعية والموضوعية لهذه التسوية. الا ان ما يدعو الى التساؤل هو ان هذا الطلاق وقع قبل ان تتوضح معالم هذه التسوية، وقبل ان تكتمل فصولها، وقبل ان يتوضح مصيرها، والمآل الذي ستنتهي اليه، خاصة وان سعد الحريري لم يعلن رسميا ترشيحه للنائب فرنجية!

من البداية، تحرّك العونيون على اساس ان الطلاق قد وقع فعلا، لأن فرنجية زاحم عون في أعزّ ما يريده حالياً.

على الاساس نفسه تحرك فرنجية ومريدوه، نتيجة ما سموها «حرب إلغاء اعلامية سياسية شنت علينا، ولم تتوقف، من قبل الحليف البرتقالي: تحرك الاعلام البرتقالي بأعلى طاقته ضدنا، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، بإهانات لزعيم المردة، وتناول شخصه، وبيته، وعائلته، وصولا الى التشكيك بمسيحيته وكذلك التشكيك بتاريخه وبموقعه في الخط العربي وفي خط المقاومة. وأسوأ من كل ذلك، احتكار الترشيح لرئاسة الجمهورية على قاعدة انا او لا احد، ومنع غيرهم من ممارسة هذا الحق. والاكثر سوءًا هو اعتماد العونيين منطق التعالي علينا، وكأنهم هم اولاد الست ونحن اولاد الجارية، واعتبروا فرنجية وتياره مجرّد مسيحيي اطراف وهم المسيحيون الاصليون.. فلهذه الاسباب وغيرها كثير لم يكن فرنجية مترددا ولو للحظة في قول ما يجب ان يقال، والذهاب الى الطلاق مع الحليف البرتقالي السابق».

ماذا بعد الطلاق؟

واضح ان الحليفين «السابقين» قد حسما خياريهما، بالطلاق، وهذا ما تؤكده «مشاعر الطرفين» وكذلك جمهورهما الذي تحرّكه القلوب المليانة والنفخ المتجدد على خط الرابية ـ بنشعي. قد يسعد هذا الطلاق من يريدون ان يروا فريق «8 آذار» مفككا وضعيفا، لكنه في الوقت ذاته يوجه ضربة قاسية لـ «حزب الله» في حليفيه اللذين لطالما تعاطى معهما على قاعدة «هذا عيني .. وهذا عيني».

لطالما سعى «حزب الله» جهده، منذ العام 2005 وحتى اليوم، لابقاء خيوط الوئام والاتفاق قائمة بين عون وفرنجية. لكن مع «جمرة التسوية الباريسية» صار «حزب الله» امام مهمة اصعب من ان اي وقت مضى، إن قرر التدخل لاعادة جسر العلاقة بين حليفيه.

هل يخدم الطلاق بين عون وفرنجية «التسوية الباريسية»؟

حتى اليوم، ما يزال المتحمسون لتلك التسوية، يعتبرون انها تملك من قوة الدفع ما يجعلها قادرة على تجاوز كل المطبات والاعتراضات الداخلية عليها. والاهم من كل شيء هو النأي بهذه التسوية عن كل المؤثرات الداخلية والخارجية والتعاطي معها ليس بالتشكيك بها وبنوايا اطرافها، بل من زاوية النظر الى النصف المملوء من الكأس، واعتبارها نافذة متاحة للخروج من الأزمة وفرصة قد لا تتكرر ثانية، لاعادة لملمة البلد.

لكن هناك في المقابل من لا يرى في طلاق عون وفرنجية، تسهيلا للتسوية الرئاسية، بل على العكس، قد يضيف عنصر تعقيد اضافيا لها، في وقت تولّد عن التطورات الاقليمية المتسارعة، عنصر فرملة اضافي للتسوية الباريسية تجلى في الاشتباك السياسي العنيف بين السعودية و «حزب الله»، الذي بدأ على خلفية الاعلان السعودي عن «التحالف الاسلامي لمحاربة الارهاب»، ويبدو انه مفتوح على مصراعيه، وبمفعول رجعي، له علاقة بموقف السعودية من «حزب الله» واعتباره «منظمة ارهابية».

ولهذا الاشتباك أضراره المباشرة، اولها اعادة احياء التوتر السياسي الداخلي، خاصة وان حلفاء السعودية قد سارعوا الى اخذ مواقعهم خلف المتاريس وبدأوا القصف السياسي على «حزب الله»، وبمؤازرة مباشرة من السفير السعودي. وثانيها على التسوية الباريسية، وإن لم ينسفها، فسيزيدها صعوبة، خاصة وان السعودية تعتبر من ضمن فريق الطباخين لهذه التسوية.

وفي ظل هذا الاشتباك، تنبري الاسئلة التالية: كيف يمكن لتسوية ان تعبر، وبعض طباخيها يعطون المبررات للمتحفظين والمشككين بأن يشككوا اكثر بالنوايا والخلفيات والاهداف؟ وكيف يمكن لتسوية ان تعبر، وبعض طباخيها يتخذ خطوات عدائية و «قرارات حربية» ضد «حزب الله» الذي يعد الممر الالزامي لهذه التسوية وغيرها، وكذلك الممر الالزامي لعودة حليف السعودية سعد الحريري الى رئاسة الحكومة؟ هل هذا الاداء السعودي يخدم عودة الحريري الى رئاسة الحكومة ام يعطلها؟ وهل يمضي الحريري بتسوية لا تضمن عودته إلى رئاسة الحكومة؟ إذا كانت طريق الحريري الى الحكومة ما تزال مقطوعة، فهل تكون طريق التسوية الباريسية مفتوحة؟.