هل يتمايز «حزب الله» عن حلفائه المسيحيين.. رئاسياً؟
عون ـ فرنجية: الخلاف التكتيكي يهدّد الاستراتيجية!
ليس خافيا ان الخلاف بين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية حول كيفية مقاربة الاستحقاق الرئاسي بعد المبادرة الحريرية، ترك ندوبا عميقة على جسم العلاقة الثنائية التي اصيبت بانتكاسة قوية، في الشكل والمضمون، كادت تعيد عقارب الزمن الى ما قبل عام 2005.
ويمكن القول ان الوضع الذي وصلت اليه علاقة عون – فرنجية في هذه المرحلة، هو الأسوأ والاصعب منذ نشوء التحالف بينهما في أعقاب عودة الجنرال من المنفى الباريسي، بعدما أصبحت شياطين السياسة تسرح وتمرح على طريق بنشعي – زغرتا التي باتت مزدحمة بالوساوس والهواجس.
يشعر كل من «الجنرال» و «البيك» ان الآخر خذله وخانه، قبل صياح الديك الرئاسي، ولذلك يستطيع كل منهما ان يمضي وقتا طويلا وهو يشرح «مظلوميته» التي تجعله في موقع «الضحية» المصابة بالنيران الصديقة.. في الظهر.
ولعل أخطر ما يرافق خلاف الرابية – بنشعي هو المدى الذي بلغه تبادل الاتهامات ونبش الملفات، على مستويي الكوادر السياسية والقواعد الشعبية، ما دفع بعض الاوساط المسيحية، التي تقف على مسافة واحدة من «التيار الوطني الحر» و «تيار المردة»، الى التساؤل عن سر هذا النقص الحاد في مناعة حلفهما المفترض، بحيث استطاع «فيروس رئاسي» طارئ ان يعبث بالوظائف الحيوية في جسم هذا الحلف.
وتعتبر تلك الاوساط المسيحية، التي تتواصل مع عون وفرنجية، ان الرجلين يلتقيان في مساحة مشتركة ورحبة حول العديد من الخيارات الاستراتيجية، من لبنان الى المنطقة، وبالتالي ليس مقبولا ان يؤدي خلاف تكتيكي مستجد الى تمزيق هذا الشريان المسيحي الممتد من بنشعي الى الرابية، والذي يشكل رافدا لتلك الخيارات الحيوية وضمانة لحضور مسيحي وازن في النظام.
وتشدد الاوساط «المحايدة» على ان تحالف عون – فرنجية يكاد يكون في دلالاته الوطنية والمسيحية، أهم من رئاسة الجمهورية التي فقدت الكثير من صلاحياتها وقدراتها، مشيرة الى انه يجب عدم السماح بسقوط علاقة الرجلين، تحت تأثير انفعال ما، في «لحظة» سياسية تُصنف بانها «عابرة» وفق مقاييس التاريخ.
وأبعد من معادلة «الجنرال» – «البيك» وحساسيتها، تلاحظ الاوساط المسيحية المقربة منهما ان هناك تفاوتا في النظرة بين «حزب الله» وحلفائه المسيحيين الى الاستحقاق الرئاسي وموقعه من المشهد الاجمالي في لبنان والمحيط الاقليمي، لافتة الانتباه الى ان هؤلاء الحلفاء يميلون الى التعاطي مع ملف رئاسة الجمهورية باعتباره حدثا قائما بحد ذاته ويتصرفون على هذا الاساس، بينما يرى الحزب فيه تفصيلا ضمن الصورة الأشمل، وجزءا من كل أكبر، الامر الذي يفسر تمهله في بلورة مواقفه.
وتعرب الاوساط عن اعتقادها بأن «حزب الله»، الذي يخوض مواجهة استراتيجية مفتوحة ومكلفة من الجبهة السورية الى الجبهة الاسرائيلية، لا يستطيع ان يقارب الاستحقاق الرئاسي انطلاقا من كونه محطة معزولة في الزمان والمكان، بل هو يأخذ في عين الاعتبار ما قبله وما بعده، سواء على صعيد الداخل وما يتصل به من منظومة حكم متكاملة، او على صعيد الاستحقاقات الاخرى في المنطقة والتي باتت بحكم الامر الواقع مترابطة، ويؤثر بعضها بالبعض الآخر.
وعلى أساس هذه القاعدة، تعتبر الاوساط ان الحزب محق في طرح نظرية السلة الكاملة او التسوية الشاملة التي من شأنها تحصين الرئيس المقبل، ايا يكن، بتوافق سياسي حول مسائل أساسية، ولكنها تلفت الانتباه الى ان من يجب ان يُسأل بالدرجة الاولى حول ماذا بعد التفاهم على اسم رئيس الجمهورية ليس النائب فرنجية على سبيل المثال، بل صاحب المبادرة الى ترشيحه، أي الرئيس سعد الحريري.
وتشير الاوساط المسيحية الى ان الامر كان سيختلف لو ان الجمهورية الاولى لا تزال قائمة حيث كان الرئيس هو الحاكم والمقرر، أما في عصر الجمهورية الثانية التي أنتجها الطائف فإن رئيس الحكومة أصبح أقوى في السلطة وأشد تأثيرا في رسم السياسات، وبالتالي بات هو المعني أكثر من غيره بتقديم الضمانات والايضاحات المطلوبة.