ارخى تبادل التحية بين الرئيس ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على مبادرة الاول ظلالاً وكأن انتخاب الرئيس اوشك. لكن ما يوازي ثقل المرشحين مرشح ثالث. من دونه لن يتنافسا، وفي ظله لن يفوز احدهما
قد يكون افضل ما في المرشحين المعلنين لرئاسة الجمهورية، الرئيس ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ان خبرتهما الطويلة على مرّ ربع قرن في العداء المتبادل، اوصلتهما الى احسن ما يمكن ان يصلا اليه. وقد يكون في الوقت نفسه اسوأ ما فيهما. لا يكتفي احدهما بأنه بات يفهم الآخر اكثر من اي وقت مضى، بل صار يعترف بحاجته اليه كي يستمر.
بالتأكيد ليسا المارونيين الوحيدين اللذين تبادلا الكراهية والعداء. قبلهما اميل اده وبشارة الخوري، وكميل شمعون وفؤاد شهاب، وريمون اده وبيار الجميل، ثم الجميل وسليمان فرنجيه. الحال اياها تكمل في مرحلة اتفاق الطائف، مع الرؤساء المتعاقبين الذين قلّ أن كنّ الخلف الاحترام للسلف او جلس واياه الى طاولة واحدة. انقطع عنه وقاطعه، ولم يتأخر في محاربته: الياس هراوي لامين الجميل، واميل لحود للهراوي، وميشال سليمان للحود. وسيأتي على صورة العداء والكراهية نفسها، وعلى صورة هؤلاء واولئك، آخرون من بعدهم. هكذا هي الرياضة المارونية. فعل تمرين يومي حتى.
الا ان عون وجعجع اختبرا الصراع المرير بينهما على الوصول الى السلطة، ومن قبل على الزعامة المارونية. بعدما أقصيا تباعا نفيا وسجنا، دخلت الساحة في فراغ الزعامة وخواء الشعبية. عادا معاً في توقيت متزامن اليها، وكل منهما يريدها لنفسه فقط، فأعادا الكراهية الى الذات والى القواعد.
في الايام الاخيرة تبادلا المناورة الذكية التي لا تقود حتما الى انتخاب رئيس للجمهورية، لان ايا منهما لا يسعه ــ وحلفاؤه ــ صنع الرئيس الجديد ولا فرض المرشح. كان عليهما فحسب، حيال الذات والحليف القوي الذي يعوّلان عليه، ان يؤكدا ان مبادرة الاستحقاق في ايديهما في بعدها المحلي. او في احسن الاحوال ان اياً من اللاعبين المحليين لا يمكنه تجاهل ارادة هذين المرشحين.
عندما ابدى عون استعداده للتوجه الى مجلس النواب ودخوله المنافسة وجهاً لوجه مع عدوّه من دون مرشح ثالث، اعطى جعجع ما كان يتطلبه من ترشحه للاستحقاق الرئاسي، وهو ان يكونا معا في المواجهة فيخوضانها، او يغادرانها كذلك.
سجّل جعجع بترحيبه بمبادرة عون تبايناً واضحاً مع حلفائه في 14 آذار
وهو ما كان عون يرفضه ويتفادى وضع ترشحه في منزلة واحدة مع الآخر. ساق الى جعجع اتهاما مفاده ان ترشحه يرمي الى تعطيل ترشح رئيس تكتل التغيير والاصلاح ليس الا. في ضوء معطيات المبادرة، اعترف الاثنان وخصوصا عون بحقهما في الترشح والتنافس على قدم المساواة.
وسواء اوحى مؤيدو جعجع بجدية ترشّحه مقدار جدية وصوله الى الرئاسة، الا ان المقصود به يبقى اولاً واخيراً تقويض الفرصة الاخيرة لعون في الوصول الى الرئاسة. بل توخى رئيس حزب القوات اللبنانية ان يبدأ موقعه في الاستحقاق ـــ ومن ثم في الانتخابات الرئاسية اللاحقة ـــ من اللحظة التي ينجح في اخراج عون منه لا منذ اعلن ترشحه في 4 نيسان الفائت.
وعندما رحب جعجع بمبادرة عون، رغم تحفظه عن سحب المرشح الثالث، كان يسجل في الوقت نفسه تبايناً واضحاً في الرأي مع حلفائه في قوى 14 آذار الذين رفضوا المبادرة وتذرّعوا بالاحتجاج على حصرها بمرشحين اثنين. على غرار الجنرال الذي يحظى بتأييد غير مشروط من حزب الله لترشيحه فيما لم يفصح رئيس المجلس نبيه بري منذ اليوم الاول للمهلة الدستورية قبل ثمانية اشهر عن دعمه العلني له، نظر الحلفاء المسيحيون في قوى 14 آذار ــ وبخاصة المرشحين الطبيعيين ـ الى ترشيح جعجع بحد ادنى من الجدية، وعدّوه مدخلا حتميا للبحث في ما بعد في مرشح توافقي سواء كان من صفوفهم او من خارج.
ورغم تأييد تيار المستقبل ترشيحه بلا تردد، افتقر جعجع الى الغطاء المسيحي من حلفائه. ليس بينهم مَن يقول كالنائب سليمان فرنجيه انه الثاني عندما يشاء عون التخلي عن ترشحه. بل يعتقد المرشحون الموارنة الآخرون في قوى 14 آذار، كالجميل على الاقل الذي جهر سابقا بترشحه، ان جعجع استنفد حظوظه.
ما افضت اليه مبادرة عون في ظل ملاقاة جعجع اياها ملاحظتان:
ـ ان عمرها قصير قد لا يتعدى الوقت الذي تطلّب جمع اوسع ردود فعل عليها. الا ان احداً لا يتوقع اجتماع النواب في جلسة البرلمان لانتخاب احد مرشحين متنافسين، كأنهما يتقاسمان الاصوات ويعوّل احدهما على حصول انقلاب في المواقف داخل الجلسة يقوده ـــ بالاكثرية المطلقة من الاصوات ـــ الى الرئاسة. وهو رهان عون وجعجع على السواء. الا ان كلا منهما يقاربه بعين مختلفة: سحب المرشح الثالث سلفا في حساب عون كفيل بترجيح كفة الاكثرية له، وخوض المنافسة بمرشح ثالث في حساب جعجع يؤول حتما الى ترجيح كفته بعد دورة اولى من الاقتراع. الا ان الرجلين يتجاهلان عيناً ثالثة ترى بطريقة مختلفة هي النائب وليد جنبلاط عراب المرشح الثالث.
ـ لم يولد المرشح الثالث النائب هنري حلو إلا لأن المرشحين الاولين هما عون وجعجع بالذات. من دونهما لا يكون ثمة مبرر لوجوده الذي عنى منذ اللحظة الاولى تعطيل الاكثرية المطلقة عبر جعل البرلمان ثلاث اقليات. الا ان من غير الجدي توقع تنافس عون وجعجع في معزل عن حلو الذي يذهب بذهابهما. منذ اليوم الاول رفض جنبلاط ترشيح عون وجعجع على السواء، وجهر بموقفه هذا لاحقا. كَمَنَ لغزه في ان ترشيحه حلو ـ بأصواته الـ15 او اقل بقليل او اكثر بقليل ـ ارسى معادلة مفادها: من دون مرشح ثالث لن يتنافسا، وفي ظله لن يصل اي منهما الى الرئاسة.
ترك قائد مجموعة سورية تحتجز عنصراً من حزب الله
تبيّن أن العقيد في «الجيش الحر» عبدالله الرفاعي الذي أمر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بإخلاء سبيله قبل أيام، هو مسؤول المجموعة المسلّحة التي أسرت أحد عناصر حزب الله عماد عياد خلال اشتباكات في عسال الورد في القلمون الشهر الماضي. وعلمت «الأخبار» أن المحققين عثروا في حوزة الرفاعي على مقطع فيديو طويل يظهر فيه الأخير وهو يستجوب عياد، غير ذلك الذي جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي. وبُرّر إطلاق سراح العقيد الموقوف بعدم ارتكابه أي جرم على الأراضي اللبنانية. وبحسب المعلومات، يُشتبه في تورط الرفاعي في الاتجار بالسلاح، وهو أُحيل إلى المديرية العامة للأمن العام قبل ستة أيام، لكنه لم يترك بعد، رغم إشارة القضاء التي تقضي بإطلاقه بعد مرور يومين على إحالته.