Site icon IMLebanon

اتفاق عون ـ جعجع رئاسياً: مفاعيل «الأرثوذكسي»

   

بين متحمّس لحوار ميشال عون وسمير جعجع المرتقب أو متضرر منه، يكاد يضيع مشروع التقارب. فاللحظة الإقليمية التي تمر بها المنطقة لا يمكن فصلها عن حوار الرابية ــ معراب المرتقب. أولويات المنطقة تغيرت والحرب ضد الإرهاب أصبحت قضية مركزية في «الأجندة» العالمية.

في القاموس «الداعشي»، لبنان ساحة من ساحات بلاد الشام، هذا المشهد وما يتطلبه من حاجة للتحصين، يفرض تقاطع مصالح حتى بين الأطراف المتناقضة في المنطقة، باستثناء إسرائيل بطبيعة الحال، وداخل البلد الواحد، لنسج شبكة أمان تحمي الساحة في لبنان، «وكل هذا يستدعي إعادة تكوين السلطة» يقول أحد نواب «تكتل التغيير».

يريد الأميركيون من سعد الحريري خوض المعركة ضد الإرهاب من لبنان مباشرة، وليس عبر أجهزة التحكم من الخارج. هذه العودة الحريرية تحتاج إلى تهيئة الأجواء. بمعنى أن تلاقي القطبين الشيعي نبيه بري والسني سعد الحريري يتطلب قطبا مسيحيا ذا حيثية تؤمن الشراكة وبالتالي إعادة تكوين السلطة على أساس تماسك المجتمع اللبناني.

لا تمكن قراءة حوار عون ــ جعجع من دون الانطلاق من حوار عون ــ الحريري. فالحوار بين الرابية و «بيت الوسط» كان صادقا باعتراف الطرفين.. وكل القوى المحلية والخارجية المعنية التي تابعته. كما أن استمراره أثمر حكومة تمام سلام. لكنه «تفرمل» عند بند الرئاسة بقرار سعودي. أو على الأقل هكذا تم تظهير الصورة. سلمت المملكة الحريري الريشة لكي يرسم «خارطة استئناف الحوار». فكان تصريحه الشهير: «لدينا في 14 آذار حلفاء لا بد من الحوار معهم».

زار «الحكيم» السعودية حيث منح كل مراسيم الاعتراف به على قاعدة علاقة مستقلة مع الرياض لا تمر بالضرورة من خلال «تيار المستقبل». تدفقت الحياة في شرايين الحوار بين الرابية ومعراب وانتعشت الصداقة بين إبراهيم كنعان وملحم رياشي.

يعلم جعجع أن لا حوار مع العماد عون على قاعدة الاتفاق على رئيس غير قوي ولا يتمتع بحيثية مسيحية. إنها القاعدة التي يجري على أساسها الحوار الذي تزامنت انطلاقته مع حوار «المستقبل» ـ «حزب الله» برعاية بري وبدور واضح لوليد جنبلاط. خلص الجميع إلى ضرورة المضي في اتفاق مسيحي مسيحي لإنتاج رئيس.

هنا، لا بد من التذكير بما قاله فؤاد السنيورة للبطريرك بشارة الراعي عن الملف الرئاسي: «اسحبوا عون.. لكي نسحب جعجع». وهكذا، في ظل «تسليف» سليمان فرنجية أمره لعون و «حيرة» أمين الجميل، تسنى لجعجع أن يقف بوصفه «مرشحا رسميا» لـ «14 آذار» وليس فقط مرشحا تكتيكيا نكاية بعون.

هل ينتج الحوار العوني ــ القواتي رئيسا؟

يرى نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي أن «العماد عون يدرك ان لا رئاسة جمهورية من دون اتفاق مسيحي ـ مسيحي وان إرادة الجماعة المسيحية في لبنان هي التوافق المسيحي ـ المسيحي وان شراهة المكونات الأخرى تحول دون إنتاج قانون انتخاب عادل يعيد للمسيحيين دورهم في النظام السياسي تحت سقف الطائف. ويدرك (عون) أيضا أن المجيء برئيس نابع من البيئة التي ينتمي إليها وذات حيثية لا بد من أن يسقط حجة الأطراف الأخرى وبعض الدول بضرورة الاتفاق المسيحي المسيحي».

أما من جهة جعجع، فيقرأ الفرزلي بأن الأخير «يدرك أيضا انه إذا لم يأت عون اليوم رئيسا على اعتبار انه الرئيس القوي وصاحب الحيثية، فإن لا أمل له في الوصول إلى الرئاسة خصوصا انه حقق تقدما نوعيا على المستوى السياسي ودورا مشروعا على المستويين المحلي والإقليمي. كما انه، أي جعجع، يدرك أن استمرار عدائه للقاعدة العونية الكبيرة لا يخدم الأهداف الشخصية والموضوعية له وبالتالي يرى أن عليه رفع مسؤولية تحمله عواقب الخلاف المسيحي المسيحي. ويعلم أيضا أن اتفاقه مع عون سيكون له نتائج كبيرة على مستوى تحسين الدور المسيحي في النظام السياسي ويسقط دور الطفيليين المستولدين داخل الكيانات الأخرى، كما انه يفتح الباب أمامه واسعا للحوار مع الطائفة الشيعية».

يخلص الفرزلي للقول بأن اتفاق عون ــ جعجع «هو الارثوذكسي من دون الارثوذكسي». ويؤكد أن «لا صحة إطلاقا لكل ما يقال عن ان الطرفين يدرسان امكان تقاسم الولاية الرئاسية»، ويشير الى أن ما يتردد عن امكان الاتفاق على رئيس ثالث «غير وارد في حسابات الاثنين»، وبالتالي «لم يبق أمامهما الا الدخول في شراكة على قاعدة تثبيت نظرية الرئيس القوي والمعروف أن عون اليوم هو المقصود بهذا الموضوع لأولويته في هذا المجال. ومن الطبيعي ان يكون هناك اخذ وعطاء في الحصص الوزارية والنيابية».

يتساءل الفرزلي: «ما الضير من خلق ثنائية عون ــ جعجع مقابل ثنائية حزب الله وحركة أمل. فما حصل بين الحزب والحركة اكبر بكثير مما حصل بين القوات والتيار. ان حوار اليوم جدي ومسؤولية بلوغه النهايات السعيدة تقع على عاتق القيادتين وان تخلف احدهما عن تحقيق هذا الهدف يكون قد فوت على المسيحيين مجددا اعادة انتاج الدور وبالتالي الوجود المسيحي».