«أنت لم ولن تأتي الي فأنا قادم اليك». هكذا ببساطة فاجأ رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون، هذا اللقاء المفاجىء الذي أثبت كم هو السهل التلاقي والحوار بين تيارين مختلفين، وعلى رغم ان هذا الاجتماع تأخر كثيراً بيد أنه ايجابي في الشكل وبلا نتيجة ملموسة في المضمون.
لجعجع وعون تاريخ طويل من تحالف الى صراع مسلح الى خلاف، فهما اختبرا كل أنواع التباعد دون ان يصل في أية مرحلة الى نتائج، حتى عندما ذهبا سوياً الى الرئيس أمين الجميل في آخر يوم من عهده، وقيل إنهما فرضا عليه تعيين عون رئيساً لمجلس الوزراء.
خطوة جعجع
ولكن لماذا أقدم جعجع على هذه الخطوة الجريئة؟!
في الحقيقة، هناك عدة أسباب، أولها الوضع المسيحي وتذمر البطريرك الماروني الراعي الذي أرسل أكثر من رسالة وفي كل اتجاه طالباً ولو بشكل غير مباشر ومبطن من الاثنين المرشحين للرئاسة الاتفاق على مرشح توافقي قوي وذي تمثيل مسيحي ماروني وهو الأمر المقبول من القوات والمرفوض عونياً.
تخفيف الاصطفاف
هذا من ناحية، ومن ناحية الأخرى فلقاء القمة بين الاثنين يخفف الاصطفاف بين العونيين والقواتيين وقد يفتح فرص التحالف في اللوائح الطلابية او المهنية انطلاقاً من وحدة الصف المسيحي.
وعلى رغم كل ايجابيات القمة، فهي لم تؤدِ الى شيء، فالعماد عون متمسك برأيه وغير مستعد حتى الآن للانسحاب من معركة رئاسة الجمهورية ولو بقي المركز شاغراً لمدة الف ليلة وليلة، ولم تصل كل مواعظ البطريرك الى أذنيه ليس هذا فحسب، بل ان مصير ورقة التفاهم مع حزب الله، لن ينهيها مجرد لقاء مع جعجع، فزعيم التيار الوطني الحر نقل بالتعاون مع حزب الله ملف رئاسة الجمهورية الى مكان آخر بحيث أصبح أكيداً ان حله مرتبط الى حد كبير بالوضع الاقليمي.
برنامجان متناقضان
أضف الى ذلك ان برنامج المرشحين عون وجعجع للرئاسة يتحدث عن نفسه، فرئيس القوات اللبنانية، كشف عن برنامجه الرئاسي الذي يتلخص بدعم الدولة ولا شيء غير الدولة تحت سقف الطائف فيما نصت المبادرة الأخيرة لزعيم التيار الوطني الحر على نسف الطائف من أساسه.
وعليه يمكن وصف الاجتماع بالقنبلة الاعلامية الصوتية تردد صداها في أنحاء البلاد، دون فعل او أفعال لكنها على رغم ذلك، بثت الى اللبنانيين نبأً سعيداً جداً. فالقمة فعل ديموقراطي حضاري جداً جداً، ويعبّر عن سلوك سلمي يؤكد احترام الرأي الآخر وحواره والاجتماع بصاحبه مرة ومرتين وأكثر.
أخيراً يؤكد لقاء جعجع عون على سمة أساسية عند قوى 14 آذار وهي التمسك بالديموقراطية وممارستها على الخصوم السياسيين واعتماد مبدأ الحوار قولاً وممارسة حتى لو كان رأي الخصم متباعداً الى أقصى الحدود.
بأي حال يجب اعطاء اللقاء الحجم المعقول هو ليس اصطفافاً جديداً للمسيحيين ولا هو بمعجزة.