السؤال المطروح اليوم كيف سيكون تعامل القوات مع صدمة الحليف وهل يمكن ان يبادر الدكتور سمير جعجع الى خلط الاوراق الرئاسية مجدداً بمفاجأة معاكسة بالتنسيق مع الرابية ؟ الجواب عن هذا السؤال سوف يبدأ بالظهور تباعاً تقول مصادر مسيحية، فلا يمكن لسمير جعجع ان يختبئ طويلاً من اعلان موقف ارتدادي لخطوة حليفه وان كانت كل التوقعات تؤكد ان جعجع مهما بلغ به الاستياء لا يمكن ان يخلط الاوراق ويطيح بعلاقته بالمستقبل خصوصاً وان التسوية بدأت تترنح وتكاد تدخل مرحلة الجمود القاتل .
اذا كان ميشال عون هو المستهدف من التسوية التي اعدها سعد الحريري لابعاده عن الكرسي الاولى بالترتيب مع السعودية وفقد بالتالي حلمه التاريخي بالجلوس على كرسي بعبدا وهو يرأس اكبر تكتل مسيحي في المجلس النيابي ، فان سمير جعجع وبحسب المصادر فوجئ بدوران الملف الرئاسي وانقلابه رأساً على عقب وتداعيات ترشيح فرنجيه عليه كما ترى المصادر ان اللعبة اكبر من عون « أولاً لأن فرنجية هو الخصم التاريخي لمعراب الذي لم يتصالح معه منذ 37 عاماً ، ولأن جعجع هو المرشح الرسمي والافتراضي ل14 آذار وبالتالي فان ترشيح فرنجيه يعتبر نكساً بالوعد لمعراب وان كان سمير جعجع يدرك ان حظوظه الرئاسية بمستوى الصفر تقريباً . الا ان ذلك لا يعني وفق المصادر ان ردة فعل معراب او موقفها من المسألة ستتسم بالتصعيد لعدة اعتبارات ، فسمير جعجع يدرك ان الحريري لم يتخذ قراره بمفرده بدون التنسيق مع السعودية ويدرك ايضاً ان اللقاء حصل ضمن الرضى الاقليمي للدول التي تدور في محورها 8 و14 آذار ، وليست بعيدة ربما عن التسوية الشاملة التي اطلقها الامين العام لحزب الله والقبول السعودي بترشيح فرنجية .
الضربة الثانية تأتي من المملكة السعودية تضيف المصادر التي لطالما كرمت جعجع وطوبته الزعيم المسيحي المفضل لديها ورغم ذلك يرى المتابعون انه لا يمكن لجعجع ان يقدم على اي خطة اعتراضية لمواجهة القرار السعودي .
وحتى حدوث اي تطور في شأن التسوية فان القوات كما تظهر مستمرة بسياسة التحفظ وعدم المبادرة الى اي رد فعل رغم امتعاضها من لقاء باريس ونتائجه لأن الترشيح حصل بدون معرفتها وكان مفاجئاً لها وهذا ما يفسر عدم حضور جعجع الى باريس بعد ولأن قراءة معراب ولسان حالها ان مجريات الحرب في سوريا لا تستلزم بالضرورة مثل هذا التنازل لفريق 8 آذار .
ماذا عن الرد المناسب لكل من جعجع وعون، ترى المصادر ان الزعيمين المسيحيين هما الأكثر تضرراً من نتائج هذه التسوية التي طبخت في باريس ولم يكن بعيداً عنها او يرفضها وليد جنبلاط او نبيه بري ، الا ان اي انقلاب لا يمكن ان يحصل من قبل الطرفين فلا سمير جعجع يمكن ان يسير بترشيح عون للرئاسة على غرار رفضه ترشيح فرنجية ايضاً ، فاعلان النوايا قطع مسافة طويلة وانتج سلسلة تفاهمات وتسويات الا ان الجنرال لا يمكن ان يصبح مرشح معراب مهما كان الثمن وبالتالي فان جعجع الذي تضرر من تسمية فرنجية من قبل حليفه سيكون ملزماً بالحصول على جوائز ترضية من الحريري وكذلك ميشال عون الذي مني بخسائر جسيمة في السياسة من التمديد لمجلس النواب وللقيادات الامنية الى رئاسة الجمهورية التي لا تعوض باي ثمن في حسابات الرابية والتي اسقطها من يد عون الفيتو السعودي .
على ان ام الخسارات تبقى من حصة معراب تؤكد المصادر المسيحية، فالعلاقة بين معراب وبنشعي معروفة تاريخياً ولم يطرأ عليها تحسن في المراحل الماضية باستثناء مصافحة بين ستريدا جعجع وزعيم المردة وتبادل رسائل سياسية ، وبالتالي فان شبح هذه العلاقة يحكم موقف جعجع من ترشيح فرنجية ، اضافة الى كون الترشيح يعتبر تكريساً لزعامة رئيس المردة شمالياً في المنطقة المتنافس عليها بين القوات والمردة ، اما في حال سار جعجع بترشيح عون، وهذا امر مستبعد، فلذلك تداعياته من عدة نواح ، فجعجع سوف يخسر مصداقيته في الشارع السني مهما كان بعض الشارع السني منزعجاً من ترشيح فرنجية الا ان سمير جعجع بخلاف ارادة الحريري وبخيار حزب الله وعون غير مقبول برأي شريحة واسعة في الوسط السني . عدا ذلك فان تبني ترشيح عون يعني انقلاب جعجع على الحريري انتخابياً ، فمعراب ستخسر بذلك الخزان السني في عكار وفي طرابلس وفي زحلة العامود الفقري لها في الانتخابات كما ستخسر القوات وتفقد مقعدها في الشوف وعاليه والاشرفية في حين ليس لها موطىء قدم في بعلبك الهرمل . وتبقى معركة الانتخابات كما تقول المصادر محصورة في جبل لبنان اي في كسروان وجبيل وعاليه وبعبدا والمتن كما في البترون والكورة ، وفي هذه الدوائر فان التنافس سيقع في حال استمر جعجع بالنقمة على خيار الحريري بترشيح فرنجية بين القوات والتيار الوطني الحر والكتائب وهنا يقول العارفون في الانتخابات فان الاحزاب المسيحية سوف تتناتش حصص بعضها ، وبالتالي فان التيار الوطني الحر الذي يتربع على كتلة نيابية من 28 نائباً لا يمكن ان يفرط بحصته لصالح احد من القوات او الكتائب وبالتالي ستفتقد القوات لدعم حليفها الازرق في الاستحقاق الانتخابي لان كتلة القوات كانت نتيجة توافق سياسي مع الحريري وجنبلاط .
ان ترشيح عون من قبل معراب في حسابات قسم من المسيحيين غير مطروح حيث تطرح علامات استفهام حول الاسباب التي جعلت سمير جعجع يرفع الراية البيضاء لميشال عون ويمشي ضمن اعلان النوايا متناسياً جوهر الخلاف السياسي مع حزب الله وقتاله في سوريا ، والخوف كما يقول البعض ان يستغل جعجع ترشيح عون لضرب فرنجية وان يعيد فيما بعد تموضعه السياسي لدى الحريري وجنبلاط خصوصاً اذا ما صحت المعلومات ان جعجع كان يتوقع ترشيح فرنجية قبل توقيع اعلان النوايا .