Site icon IMLebanon

عون يزرع الخضار  وجعجع يزرع الكرز !

فاجأناكم … مو؟! قد يكون هذا هو لسان حال زعيم القوات الدكتور سمير جعجع بعد وصوله المباغت الى الرابية للقاء زعيم التيار الرئيس العماد ميشال عون! وهي على كل حال كانت مفاجأة سارة للطرفين ولقاعدتيهما الشعبيتين، وللغالبية الساحقة من المسيحيين في لبنان، وللبنانيين عموماً. والفرحة مضاعفة، ليس فقط بسبب اتفاق الطرفين على وضع قاعدة لتصفية نزاع حار وبارد طال لنحو ثلاثة عقود، وترك آثاره السيئة على المسيحيين وعلى اللبنانيين عموماً، بل أيضاً لأن القائدين قررا السير بعكس التيار السائد في المنطقة حيث يتقاتل الخصوم بلا هوادة، ويتذابح المتنافسون حتى داخل الصف الواحد! ولا يخلو الأمر من انزعاجات ضمنية هنا وهناك خارج التيار والقوات، ولكن من المبكر الحديث عن أخطار…

قد يكون من أسباب جنوح الزعيمين نحو السلم والمصالحة، تأثير عامل الزمن و…الهرمونات! والدكتور جعجع تخطى عتبة الستين، والعماد عون دشن عامه الثمانين، وكلاهما في مرحلة عمرية يشع فيها العقل ويخف تأثير الهرمون على افراز الادرينالين فيبرد الرؤوس الحامية، بينما يحدث العكس في مرحلة الشباب! واذا صح المثل القائل: لا حب الا بعد خصام، فقد يكون من المنطقي توقع أن يكون الحب أكثر حرارة كلما كان الخصام أطول! وعلى هذا من غير المجدي التدقيق في الشكل والمضمون، لا في لقاء القائدين، ولا في نصوص البيان، لأن الأصل هو في نية اللقاء وجوهره.

في السياسة، يشكل لقاء عون وجعجع مجموعة من المكاسب التكتيكية والاستراتيجية لهما معاً، وللمسيحيين بصفة خاصة وللبنان بصفة عامة. واذا نجح هذا اللقاء في تكوين نواة حقيقية وغير مزغولة، فانها ستتحول الى نواة جاذبة لغالبية من القيادات والشخصيات المسيحية الأخرى، ولو أحياناً على مضض. ومع استمرار هذا اللقاء بين الزعيمين سيشعر كل منهما بأنه سيصبح في وضع أفضل، وبأنه أكثر ارتياحاً داخل التكتل السياسي الأوسع الذي ينتمي اليه ويضم أطياف الوطن الأخرى. وسيتحرر كل منهما من الشعور الداخلي لديه بأن خياره الوحيد هو الانتماء لهذا التكتل والاستمرار فيه، اذ لا خيار آخر سواه. وهذا سيعطي لكل منهما الشعور بأن الانتماء الى تكتله هو بارادته الحرة وليس لأنه مضطر اليه! وأكثر من ذلك، فقد يتحول جعجع الى سفير للنيات الحسنة ويمثل عون لدى ١٤ آذار، ويتحول عون الى سفير للنيات الحسنة ويمثل جعجع لدى ٨ آذار!

اذا تغلب العمر على الهرمونات، والحكمة على نية المراوغة، والذكاء على التذاكي، فيمكن أن يكون هذا اللقاء خيرا للبنان على المدى الحالي والمتوسط والبعيد. ومن دواعي ذلك أن يتصرف الطرفان بوحي القاعدة آنفة الذكر. وعندها تتحول الرئاسة الأولى من مأزق الى حل… وشرط ذلك أن يتحول العماد عون الى مزارع خضار، وانتاجها سريع ويحصد بعد ٣-٤ أشهر. وأن يتحول الدكتور جعجع الى مزارع كرز، والشتلة التي يغرسها اليوم تزهر وتثمر بعد ٥-٦ سنوات!