Site icon IMLebanon

“جفاء” عون والحريري و”فسيفساء” الجبهة المعارِضة

 

شكّل كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحقّ الرئيس المكلّف سعد الحريري مناسبة لزيادة الشرخ بين الرجلين، ما يُبشّر بأن حكومة “المهمّة” لا تزال بعيدة المنال.

 

بدأ عون عهده بعلاقة تحالف وطيدة مع الحريري نتيجة التسوية الرئاسية، وقد ظهر هذا الأمر جلياً خلال أزمة إحتجاز الحريري في السعودية، لكن “السمنة والعسل” بين الرجلين تحوّلت إلى فراق وعناد يدفع البلد ثمنه في الوقت الحالي. وأحدثت إنتفاضة 17 تشرين إنقلاباً جذرياً في الحياة السياسية اللبنانية وصدّعت بنيان التسوية الرئاسية، وقد شكّل كلام عون الأخير بحقّ الحريري مناسبة للإشارة إلى مدى التأزم السياسي الذي وصلت إليه البلاد.

 

ولا يزال رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط عند موقفه المطالِب الحريري بالإعتذار وترك عون و”حزب الله” وقوى 8 آذار يحكمون، وقد سارع جنبلاط إلى الوقوف إلى جانب الحريري بعد كلام عون على رغم الإنتقادات التي يوجّهها له. ويبقى الأساس دعوة جنبلاط إلى تشكيل جبهة ضدّ العهد و”حزب الله”، وهو يراهن على أن ما سمعه الحريري من تسريبات مسيئة له قد يدفعه باتجاه الإعتذار والعودة إلى صفوف المعارضة.

 

وتشكّل معارضة الحريري، إن تمّت، نقطة قوّة في مواجهة العهد والسلطة، لكنها تحتاج إلى اكتمال عناصرها وانضام رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع اليها وعدد من أفرقاء 14 آذار السابقين.

 

وتواجه ولادة مثل هكذا جبهة عقبات كثيرة، وتشير مصادر معارِضة إلى أن كلام عون الإستفزازي وسلوك رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل واستقواء “حزب الله” تُشكّل عوامل تُقرّب القوى المعترضة، لكنها ليست دافعاً يمكن الإستناد إليه من أجل تأليف معارضة شرسة لأسباب عدّة أبرزها:

 

أولاً: لا يزال الرئيس الحريري متمسّكاً بـ”التسمية” ويضعها في جيبه، ويعتبر أن التخلي عنها سيُعيد مركز رئاسة الحكومة التي هي حق له إلى حضن العهد و”حزب الله”، وهذا أمر لن يقبل به في الوقت الراهن.

 

ثانياً: يراهن الحريري على إعادة إطلاق المبادرة الفرنسية بزخم أكبر، مما يحفظ دوره داخل اللعبة الداخلية وعلى الساحة الدولية، ويعتبر نفسه الرجل الأنسب والقادر على مخاطبة المجتمع الدولي.

 

ثالثاً: هناك صعوبة في جمع من كانوا يُشكّلون قوى 14 آذار لأن كل فريق أصبح في اتجاه معيّن، فـ”القوات” تؤيّد الثورة، و”الإشتراكي” يحافظ على موقعه المهادن، و”المستقبل” يخوض معركة للعودة كشريك إلى السلطة بأقلّ تنازلات ممكنة، ويعتبر أن عودته إلى المعارضة خسارة له.

 

رابعاً: دخول عوامل جديدة على الساحة السياسية بعد انتفاضة 17 تشرين، لكن تلك العوامل لم تتطوّر إلى درجة إطلاق حركة جديدة تفرز قيادة وتستطيع نسج تحالفات عابرة للمناطق والطوائف.

 

خامساً: عدم وجود راعٍ إقليمي لمثل هكذا تجمّع أو جبهة معارضة، لذلك ستبقى المعارضة معارضات، ولا يستطيع أحد التأثير وتوحيد صفوفها، خصوصاً ان السعودية لم تعد تهتم كما في السابق بالوضع اللبناني.

 

سادساً: غياب الثقة بين مجموعات المعارضة وأحزابها، مما يصعّب عملية جمع القوى التي تتفق على خطورة الوضع.

 

وأمام كل تلك العوامل يبدو أن لكل حزب أو تيار أساسي في 14 آذار خياراته والتي لا يمكن كودرتها من جديد، في حين أن الإلتقاء ظرفي وموقت، لأن أي إتفاق إقليمي ودولي سيُعيد الأمور إلى سقف التسوية مما قد يُعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وإلى زمن “ربط النزاع” مع “حزب الله” والحلفاء.